دول ومناطقسياسةمحاضرات وندوات
قانون ترامب الذي يجيز لأمريكا “القرصنة” على العالم
صادق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال الأيام الماضية، على قانون جديد وصف بأنه يجيز للسلطات الأمريكية “القرصنة” على العالم كله.
ويجيز قانون “الحوسبة السحابية” أو “كلاود آكت”إمكانية دخول وإطلاع السلطات الأمريكية على كل رسائل البريد الإلكتروني أو أي رسائل إلكترونية أخرى خارج الولايات المتحدة أو داخلها بغض النظر عما إذا كانت الرسائل تخصص مواطنين أمريكيين أم لا.
وكان هذا القانون محل جدل وخلاف كبير ما بين الإدارة الأمريكية، ومجموعة من شركات التقنية على رأسهم شركة “مايكروسوفت” الأمريكية.
ووصل الخلاف، الذي بدأ منذ عام 2013، بين مايكروسوفت والإدارة الأمريكية إلى رفع الشركة دعوى أمام المحكمة العليا في أواخر فبراير/شباط الماضي.
بداية الأزمة
وبدأت الأزمة بين “مايكروسوفت” والحكومة الأمريكية في عام 2013، حينما استصدرت السلطات الأمريكية، مذكرة تفتيش تطالب “مايكروسوفت” بتسليم محتويات بريد إلكتروني يستخدمه تاجر مخدرات متهم.
لكن المشكلة كانت أن تلك الرسائل المرادة، مخزنة على مركز لجمع المعلومات تابع للشركة في أيرلندا.
لذلك تحول الأمر إلى أن الإطلاع على محتويات بريد إلكتروني، بمثابة تفتيش منزل في بلد آخر خارج الولايات المتحدة.
وفجر هذا الأمر جدالا كبيرا في وسائل الإعلام الأمريكية، التي رأى بعضها أن محاولة الولايات المتحدة الإطلاع على محتويات إلكترونية مخزنة في خوادم ببلد آخر، بأنها لا تختلف شيئا عن القرصنة الإلكترونية، التي تتهم واشنطن دولا أخرى بشنها.
وهو ما جعل موقع “يو بي آي يطرح تساؤلا، هل فعلا يحق للحكومة الأمريكية أن تتحقق من أدلة على مواقع إلكترونية تتعدى حدودها الجغرافية.
وأشار موقع “يو بي آي” الأمريكي إلى أن القانون يتيح للإدارة الأمريكية إمكانية “شرعنة” القرصنة بالتعاون مع الحكومات والبلدان الخارجية.
ووصفت الإدارة الأمريكية بأن “كلاود آكت” يستهدف تسريع طلبات المراقبة والإطلاع على البريد الإلكتروني مع الحكومات الأخرى، والالتفاف على الإجراءات الدبلوماسية الطويلة.
لكن وزارة العدل الأمريكية قالت إن هذا القانون لا يعني أن الولايات المتحدة أو تلك البلدان لا تحترم الحريات الفردية والحياة الخاصة.
وتخشى “مايكروسوفت” وغيرها من الشركات أن القانون يعد “خرقا” غير مسبوقا للحريات الشخصية والحياة الخاصة، والحقوق الرقمية، خاصة وأن هذا يجعل الحكومة الأمريكية مثلها مثل كافة الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان.
وأوضحت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية في تقرير سابق أن القانون الجديد لا يؤمن أي حماية كافية ضد الحكومات التي تنتهك حقوق الإنسان، ويجعل الولايات المتحدة مثلهم مثلها، لأنه يفتح الطريق أمام رقابة متزايد لإضعاف حماية الناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين.
وتابعت الصحيفة الأمريكية: “رغم أن الإدارة الأمريكية والشركات التقنية لكل منهما هواجس مشروعة، فالأولى تحتاج لذلك القانون لمكافحة أكثر للإرهاب، لكنه قد يستخدم أيضا بصورة غير مشروعة تجاه أي منافسين أو أي دولة ليست حليفة مع واشنطن، كما أنه سيفيد واشنطن أيضا في قضايا أخرى متعلقة بالاحتيال واستغلال الأطفال في مواد إباحية وقضايا مثل الإتجار بالبشر”.
ومضت “ترى كثير من الدول أن مثل ذلك القانون لا يراعي أي من إجراءات حماية الخصوصية في دولهم، ويكون بمثابة قرصنة عليهم”.
واختتمت قائلة
“هذا القانون بتلك الطريقة يمكن ألا نطلق عليه كلاود آكت، بل نسميه قانون القرصنة”.