أخبار
كيف ستؤثر نتيجة المناظرة بين ترمب وبايدن على مسار انتخابات 2024؟
تحمل المناظرة الرئاسية الأولي بين الرئيس جو بايدن، ومنافسه الجمهوري دونالد ترمب، الكثير من التحديات التي سيكون لها تأثيراً في تشكيل الخطاب السياسي وتأثيراً أكبر على مسار الحملات الانتخابية الرئاسية خلال الشهور المقبلة حتى نوفمبر المقبل. ويصف المحللون المناظرة بانها بالغة الاهمية في احد اكثر السباقات الانتخابية الرئاسية اثارة للجدل والاستقطاب السياسي.
يسعى الرئيس الديمقراطي البالغ من العمر 81 عاما، خلال المناظرة الي طمأنة الناخبين حول عمره وقدراته البدنية والذهنية وحمايته للحقوق والقيم الديمقراطية من الفوضى والاضطراب، بينما يسعى ترمب البالغ من العمر 78 عاما ان يتجاوز الناخبون ادانته في 36 تهمة جنائية وإقناع الناخبين انه الاجدر في مجال الاقتصاد وتشديد الامن عند الحدود ومكافحة الجريمة.
ومن حيث الشكل تختلف هذه المناظرة التي تستضيفها شبكة سي ان ان في مدينة اتلانتا بولاية جورجيا عن كل المناظرات الرئاسية السابقة منذ عام 1988 حيث تم وضع قواعد صارمة مثل عدم حضور جمهور للمناظرة واسكات الميكروفون حينما يتحدث احد المرشحين ولا يكون للأخر فرصة للمقاطعة والاعتراض. وسيكون هنا فترتان تجاريتين وقد وافق المرشحان على عدم استشارة الموظفين او الحديث مع مسؤولي حملاتهما الانتخابية خلال اغلاق الكاميرات في فترتي الراحة القصيرة. وقد اقرت لجنة المناظرات الرئاسية المكونة من الحزبين هذه القواعد لتجنب تكرار المواجهة الفوضوية التي شهدتها مناظرة بايدن وترمب في عام 2020.
كراهية متبادلة
ومنذ اخر مناظرة رئاسية في عام 2020 لم يتقابل الرجلان وجها لوجه، وتصاعدت التوترات بينهما بعد تشكيك ترمب في نزاهة الانتخابات الرئاسية في ذلك الوقت وادعاءاته بتزويرها وسرقتها، وتشجيع أنصاره على الهجوم على مبني الكابيتول في السادس من يناير 2021 لإلغاء نتيجة الانتخابات، واستمر ترمب ومناصره في الترويج لفكرة تزوير الانتخابات والهجوم على الرئيس بايدن واستخدم ترمب تكتيكاته المفضلة في اطلاق الأسماء التي تلصق بأذهان الناخبين واصفا بايدن بجو النائم واحيانا جو الفاسد، والاشارة الي مشاكل ابنه القانونية واستغلال النفوذ للتربح وكسب ملايين الدولارات من علاقه ابنه هانتر بايدن بشركات في اوكرانيا والصين.
وفي المقابل يكره الرئيس بايدن غريمه وخصمه الجمهوري وحرص بعد فوزه بالانتخابات على عدم ذكر اسمه والاكتفاء بالإشارة اليه بالرئيس السابق وسلفه السابق للتقليل من شانه لكن هذه السياسة تغيرت خلال الشهور الماضية مع اشتداد المنافسة بين حملتي بايدن وترمب. والقت حملة بايدن بكل ثقلها في شن الهجمات على الرئيس ترمب في مجال تقييد حق الإجهاض وفي ميله ليكون ديكتاتورا وفي تراجعه عن مساندة حلف الناتو ولعبت بقوة على وتر ادانته في محاكمة اموال الصمت في نيويورك وأطلقت عليه حملة إعلانية وفيديوهات مصورة تصفه بالمجرم المدان.
وهذه الخلفية من الكراهية والخلاف والتاريخ من المواجهات تضع المناظرة مساء الخميس على المحك، سواء في الأداء او في القضايا محل النقاش حيث يحمل كل مرشح رؤية مختلفة بشكل كبير في كل القضايا الداخلية والخارجية، فالمناظرة تأتي بعد أيام من الذكري السنوية الثانية لإلغاء المحكمة العليا لقضية رو ضد وايد مما انهي الحق الفيدرالي في الإجهاض ودفع ملف الحقوق الإنجابية الي الواجهة السياسية والتي يستغلها الرئيس بايدن بقوة ويضعها في صدارته اجندته الانتخابية.
وتجري المناظرة أيضا بعد ان اتخذ البيت الأبيض إجراءات تنفيذية لتقييد طلبات اللجوء على الحدود الأميركية المكسيكية لخفض عدد المهاجرين وهو القضية التي يضعها تركب محورا لحملته الانتخابية ويشن هجوما لاذعا على سجل إدارة بايدن في ارتفاع اعدادا المهاجرين غير الشرعيين ونفوذ عصابات الاتجار بالبشر والمخدرات وارتفاع مستويات الجريمة. وبالطبع يلعب الوضع الاقتصادي الدور الأكبر في التأثير على اراء الناخبين وستكون المناظرة فرصة لإظهار وجهات نظر المرشحان حول معدلات التضخم والسياسة الضريبية والاستثمارات والبنية التحتية وبالتالي تشكيل راي الناخب الأميركي فيمن سيكون أقدر على تحقيق معدلات أداء اقتصادي أفضل خلال السنوات الأربع المقبلة.
أوكرانيا وغزة
وتخيم الحرب في أوكرانيا وغزة على السباق الانتخابي كما تخيم وجهات نظر المرشحين حول دور الولايات المتحدة في العالم وتحالفاتها مع حلف الناتو وتحالفات المحيطين الهادي والهندي والمواجهة مع الصين وروسيا والمساندة لإسرائيل على المناظرة.
وقد امضي بايدن الأسبوع الماضي منعزلا في منتجع كامب ديفيد الرئاسي مع كبار مستشاريه وكبار مسؤولي حملته الانتخابية وتم بناء مسرح في المنتجع لمحاكاة الاستوديو الذي ستعقد فيه المناظرة وقام محامي بايدن الشخصي بوب بارو بالقيام بدور ترمب في جلسات التدريب والرد على الأسئلة المتوقعة. فيما واصل ترمب حملته الانتخابية وعقد بعض الاجتماعات في منزله بفلوريدا واجري العديد من الاتصالات الهاتفية مع كبار قادة الحزب الجمهوري ونشر عدد من الفيديوهات والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي للسخرية من بايدن وتسليط الضوء على تضاؤل قدرته البدنية
هل تغير المناظرة من اتجاهات الناخبين؟
يلقي المحللون أهمية كبيرة على هذه المناظرة حيث تشير استطلاعات الراي الي تراجع كبير في حماس الناخبين تجاه كلا المرشحين من حيث تقدمهما في العمر واختلاف رؤيتهما السياسية لمختلف القضايا. وتتابع الأنظار ادائهما خلال المناظرة ومدي تأثيره على مسار السباق الانتخابي حيث سيتم تحليل كل كلمة وايماءه ليس فقط ما سيقوله ترمب وبايدن في ردهما على الأسئلة وشرح وجهات نظرهما في القضايا، لكن أيضا سينظر المحللون والناخبون لكيفية تفاعلهما مع بعضهما البعض وكيف يتحملان الضغط والاسئلة الصعبة ولغة الجسد لكلا منهما، وقوة نبرة الصوت ومستوي الهدوء وضبط النفس.
ويتنافس كلا من ترمب وبايدن على جذب أصوات الناخبين المترددين الذين لم يحسموا امرهم في الاختيار، ومن المتوقع ان يشاهد المناظرة أكثر من 70 بالمائة من الاميركيين وبالتالي ما سيحدث خلال المناظرة سيحدد مسار الحملة الانتخابية خلال 11 أسبوع المتبقية اما ان تكون نقطة تحول رئيسية لبايدن في هذا السباق للأفضل او للأسوأ والامر نفسه للرئيس ترمب.
فاذا تعثر بايدن في اجابته قد يفجر ذلك مزيد من الشكوك حول قدرته على القيادة في ولاية ثانية وفي المقابل يتوسل كل المقربين من ترمب ان يضبط اداءه وبتجنب الاشتباك والعدوانية ويبتعد عن تكرار اتهاماته بتزوير الانتخابات والتركيز على المستقبل.
وتظهر استطلاعات الرأي تنافسا متقاربا بين ترمب وبايدن على المستوي الوطني لكن ترمب يتقدم في الولايات المتأرجحة. وقد اظهر استطلاع حديث لمنظمة FiveThirtyEight أن الفارق بين ترمب وبايدن لا يتجاوز 0.1 نقطة مئوية حتى يوم الأربعاء، حيث حصل ترمب على 41 بالمائة من الدعم وحصل بايدن على 40.9 بالمائة. وحصل المرشح الرئاسي المستقل روبرت إف كينيدي جونيور، الذي فشل في التأهل للمناظرة، على دعم بنسبة 9.3 بالمائة.
ويتقدم ترمب وفق لاستطلاع راي لصحيفة نيويورك تايمز/ كلية سيينا الأربعاء بثلاث نقاط بين الناخبين المحتملين و6 نقاط بين الناخبين المسجلين على المستوى الوطني. وفي الولايات الحاسمة، لا يزال الرئيس السابق متقدما على بايدن بنسبة 1 في المئة في ويسكونسن. ويتقدم ترمب في ميشيغان وبنسلفانيا بنسبة 2% ونيفادا بنسبة 4%، ويزداد تقدم ترمب بشكل ملحوظ في الولايات المتأرجحة الأخرى مثل جورجيا وأريزونا ونورث كارولينا. ويتخلف بايدن عن الرئيس السابق بنسبة 5% في الولايات الثلاث، وفقا لاستطلاع صحيفة نيويورك تايمز
لماذا اتلانتا؟
وتقام المناظرة في مدينة اتلانتا بولاية جورجيا وهناك أهمية رمزيا وانتخابية لهذه الولاية حيث فاو بها بايدن في عام 2020 وحصل على 16 صوتا انتخابيا للولاية بهامش اقل من 12 الف صوت عن منافسه الجمهوري دونالد ترمب الذي ادعي تزوير الانتخابات في الولاية وسعى للضغط على مسؤولي الولاية لتغيير نتيجة التصويت ولا ينسي انه في تلك الفترة ظهر تسجيل للرئيس ترمب وهو يقول لمسؤولي الولاية انه يريد الحصول على 11780 صوت ويواجه ترمب اتهامات بالابتزاز ومحاولة تغيير النتيجة في ولاية جورجيا وسبق له اخذ صورته وبصمات يديه في سجن الولاية وهي الصورة الشهيرة التي استغلها ترمب في جميع التبرعات لحملته.
وبعد انتهاء المناظرة، سيتوجه ترامب إلى فيرجينيا، التي كانت في السابق ساحة معركة تحولت نحو الديمقراطيين في السنوات الأخيرة. ويتوجه بايدن إلى ولاية كارولينا الشمالية، حيث من المتوقع أن يعقد أكبر تجمع انتخابي لحملته حتى الآن في ولاية حقق فيها ترمب الفوز بفارق ضئيل في عام 2020. ومن المقرر ان تعقد مناظرة احري بين ترمب وبايدن في العاشر من سبتمبر وتستضيفها شبكة ايه بي سي.