أخبار
واشنطن تتحضر لسيناريوهات فشل اتفاق وقف النار في غزة
أشارت شبكة «إن بي سي» الأميركية إلى أن مسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن يدرسون إمكانية التفاوض على اتفاق أحادي الجانب مع «حماس» لتأمين إطلاق سراح خمسة أميركيين محتجزين رهائن في غزة، إذا فشلت محادثات وقف النار الحالية التي يحاول وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن العمل عليها مع إسرائيل والوسطاء القطريين والمصريين.
ونقلت الشبكة عن اثنين من كبار المسؤولين الأميركيين المطلعين على المناقشات أن مفاوضات الإدارة الأميركية مع حركة «حماس» ستكون منفصلة ولن تشمل إسرائيل، وسيتم إجراء هذه المفاوضات من خلال الوسطاء القطريين.
وتعتقد الإدارة الأميركية أن «حماس» تحتجز خمسة رهائن أميركيين تم اختطافهم خلال الهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل. ويأمل المسؤولون الأميركيون أيضاً في استعادة رفات ثلاثة مواطنين أميركيين إضافيين يُعتقد أنهم قُتلوا في ذلك اليوم على يد «حماس» التي نقلت جثثهم بعد ذلك إلى غزة. والأميركيون الخمسة الذين يُعتقد أنهم محتجزون في غزة هم: إيدان ألكسندر، وساغي ديكل تشين، وهيرش غولدبرغ بولين، وعمر نيوترا، وكيث سيغل.
ولم يوضح المسؤولون الأميركيون للشبكة الإخبارية ما الذي ستقدمه الولايات المتحدة لـ«حماس» مقابل إطلاق سراح الرهائن الأميركيين. لكن المسؤولين قالوا إن «حماس» قد يكون لديها حافز لعقد صفقة أحادية مع الولايات المتحدة؛ لأن القيام بذلك من المرجح أن يزيد من توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل ويضع ضغوطاً سياسية داخلية إضافية على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقال أحد المسؤولين السابقين إن المناقشات الداخلية جرت أيضاً في سياق ما إذا كانت إمكانية قيام الولايات المتحدة بإبرام صفقة أحادية مع «حماس» قد تضغط على نتنياهو للموافقة على نسخة من اقتراحات وقف إطلاق النار الحالي.
وقال المسؤول الكبير في الإدارة إن عملية تحرير الرهائن الإسرائيليين الأربعة يوم السبت ستؤدي إلى تعزيز تصميم نتنياهو على مواصلة العمليات العسكرية في غزة، بدل الالتزام بوقف القتال.
وعادة ما تتفاوض الحكومة الأميركية في محاولات لإطلاق سراح أميركيين محتجزين بشكل غير قانوني في الخارج في دول أجنبية، على عمليات لتبادل سجناء مقابل إطلاق سراح الأميركيين. لكن ليس واضحاً ما إذا كان هناك سجناء تحتجزهم الولايات المتحدة وترغب «حماس» في تأمين إطلاق سراحهم بشرط أن تعتبر إدارة بايدن أنه من المقبول الإفراج عنهم بناءً على إداناتهم الجنائية بجرائم.
ومع ذلك، قال مسؤول أميركي إن فكرة محاولة التفاوض على اتفاق بين إدارة بايدن و«حماس» تظل «خياراً حقيقياً للغاية» إذا فشل اتفاق وقف إطلاق النار المقترح الحالي في التقدم. وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، الأحد، إن الولايات المتحدة لا تزال تنتظر رداً «رسمياً» من «حماس» على العرض الأخير. وأشار إلى أن أفضل طريقة لإعادة جميع الرهائن المحتجزين لدى «حماس» وأيضاً حماية المدنيين الفلسطينيين هي إنهاء هذه الحرب، وأن تقول «حماس» نعم للاتفاق الذي أعلنه بايدن وقبلته إسرائيل.
وعززت تصريحات سوليفان لشبكة «سي إن إن» الشكوك في إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف النار مع الاعتقاد الواسع بأن نتنياهو سيسعى لإطالة أمد الحرب وتكثيف العمليات العسكرية أملاً في تحرير بقية الرهائن دون الاضطرار إلى تقديم تنازلات، وهو ما سيعني فشلاً للجهود الأميركية في تحقيق انفراجة، وسيثير تساؤلات حول نفوذ الولايات المتحدة ومكانة بايدن على الساحة الدولية.
إعادة هندسة المفاوضات
ويتعرض رئيس الوزراء الإسرائيلي بالفعل لضغوط متزايدة من أفراد عائلات الرهائن المتبقين لدى حركة «حماس» للتوصل إلى اتفاق من شأنه إطلاق سراحهم. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قدر مسؤولون إسرائيليون أن نحو 120 رهينة ما زالوا محتجزين لدى «حماس»، وأن 43 منهم لقوا حتفهم في الأسر.
وقد وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى القاهرة في جولته الثامنة في المنطقة التي تشمل أيضاً إسرائيل والأردن وقطر، وتركز على تكثيف الجهود للتوصل إلى وقف النار في قطاع غزة. وقال مسؤول كبير في الإدارة لشبكة «إن بي سي نيوز» إن الغارة الإسرائيلية لتحرير الرهائن الأربعة يوم السبت ستجعل على الأرجح جهود بلينكن للتوصل إلى اتفاق وإطلاق سراح الرهائن المتبقين أكثر صعوبة.
وقد أدى إطلاق سراح أربعة رهائن خلال عملية عسكرية إسرائيلية يوم السبت، إضافة إلى استقالة بيني غانتس المنتمي للوسط في حكومة الحرب الإسرائيلية، إلى تفاقم المعضلات السياسية والدبلوماسية للإدارة الأميركية، واستدعت تغييرات في هندسة المفاوضات بين إسرائيل و«حماس» بعد هاتين الضربتين الجديدتين لجهود وقف إطلاق النار.
وسيكون لاستقالة غانتس عواقب محلية ودولية كبيرة، لكن من غير المرجح أن تغير السياسة الإسرائيلية، وقد يؤدي غيابه إلى خلق عقبات ومقاومة للموافقة على أي اتفاق سلام بين إسرائيل وحركة «حماس»، وقد تجعل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكثر اعتماداً على اليمين المتشدد في ائتلافه الذي يصر على مواصلة الحرب ويرفض صفقة وقف النار. وقد يؤدي تقوية هذا اليمين المتطرف إلى زيادة مخاطر التصعيد، وقد يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية أوسع.
معضلة أمام بايدن
ويقول محللون إن هذا العدد الكبير من القتلى الفلسطينيين في عملية تحرير أربعة رهائن يمكن أن يزيد من غضب التيار التقدمي الديمقراطي ضد سياسات الرئيس بايدن ودعمه لإسرائيل وعملياتها دون بذل مزيد من الضغوط على تل أبيب لحماية المدنيين. وهذا الانقسام داخل حزب بايدن الحاكم يمكن أن يعرضه للخطر في الولايات المتأرجحة التي ستكون حاسمة في تحديد نتيجة الانتخابات التي يخوضها بايدن ضد منافسه دونالد ترمب، وخاصة في ولاية ميشيغان التي تعد موطناً لأعداد كبيرة من الناخبين العرب.
وسيكون موقف الرئيس بايدن أكثر حرجاً حينما يلقي نتنياهو كلمته أمام الكونغرس في 24 يوليو (تموز) المقبل، مما سيزيد من هجمات الجمهوريين الذين لديهم حوافز سياسية قوية لإلحاق الضرر ببايدن وتعميق العلاقات مع شريكهم الآيديولوجي اليميني المتطرف نتنياهو.