أخبار
الجمهوريون يخففون من توقعات «موجة حمراء» في انتخابات الكونغرس
يستحوذ سباق الرئاسة الأميركية على اهتمام الناخبين والرأي العام الأميركي والدولي. غير أن انتخابات الكونغرس بمجلسيه، الشيوخ والنواب، التي ستجري في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تحمل هي الأخرى تداعيات كبيرة على أجندة واشنطن السياسية والاقتصادية. فالدور الذي يلعبه الكونغرس، وخصوصاً مجلس الشيوخ الذي يُعدّ جزءاً من السلطة التنفيذية، قد يكون حاسماً في حسم مصير كثير من السياسات التي يرغب شاغل البيت الأبيض في تنفيذها. في حين أن مجلس النواب، كهيئة تشريعية، يستطيع تعطيل أو إلغاء كثير من السياسات ومشاريع القوانين، كما جرى أخيراً عبر عرقلة حزمة المساعدات الطارئة التي طلبها البيت الأبيض لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، لأكثر من 8 أشهر.
فرصة للجمهوريين
وفيما يستعد الناخبون للتصويت على تجديد كل مقاعد مجلس النواب، التي تجري كل سنتين، سيصوتون أيضاً على تجديد ثلث أعضاء مجلس الشيوخ، غالبيتهم من الديمقراطيين. وتُعدّ انتخابات مجلس الشيوخ هذا العام فرصة كبيرة لم تتح للجمهوريين منذ 10 سنوات، لاستعادة سيطرتهم عليه، قبل حلول انتخابات 2026 التي سيكون التنافس فيها متوازناً بين الحزبين، على 10 مقاعد فقط.
ويحتاج الجمهوريون إلى قلب نتائج ولايتين فقط للسيطرة على مجلس الشيوخ، حيث يشغلون الآن 49 مقعداً مقابل 51 للديمقراطيين. غير أن المتاح أمامهم هو 6 ولايات على الأقل. هي نيفادا، وأريزونا، وويسكونسن، وبنسلفانيا، وميشيغان، وماريلاند، فضلاً عن ولايتين «حمراوين» اخترقهما الديمقراطيون سابقاً: ويست فيرجينيا، ومونتانا.
ورغم ذلك، يُحاذر الجمهوريون من المبالغة في التقدير بإمكانية حصول «موجة حمراء»، بعد خيبة الأمل التي أصيبوا بها في انتخابات 2020 و2022 على التوالي، حين فشل غالبية المرشحين الجمهوريين الذين دعمهم رئيس الحزب، دونالد ترمب، في الفوز. وبدلاً من الفوز بـ55 مقعداً، كما توقع السيناتور الجمهوري ريك سكوت، الرئيس السابق لحملة الحزب في مجلس الشيوخ، أسفرت الانتخابات عن فوز الديمقراطيين بـ51 مقعداً. ومع استمرار الخلاف والتباينات بين الجمهوريين على القضايا نفسها التي سبّبت خسارتهم، معطوفة على النتائج «الصادمة» التي أظهرتها انتخابات جزئية واستفتاءات في ولايات «حمراء» على قضية الإجهاض، توقع زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ، السيناتور ميتش ماكونيل، الذي قرّر التقاعد، عدم حصول هذه الموجة الحمراء في انتخابات هذا العام.
وفي مقابلة صحافية، أوضح ماكونيل أنّه يركز بشكل أساسي على 4 ولايات في الوقت الحالي، في تخفيف لتوقعات بعض الجمهوريين الطموحين. وقال إنه «من المهم ألا تكون متحمّساً للغاية، لأنه من الجدير بالذكر أنه في الدورة الأخيرة، لم يخسر أي شاغل للمنصب (في إشارة إلى أعضاء مجلس الشيوخ، الذين لم يدعمهم ترمب). إذا ما هي الرسالة؟»، وردّ قائلاً: «إنها جودة المرشح»، متوقعاً فوز حزبه بـ51 مقعداً.
مهمة صعبة للحزبين
ورغم ذلك، لا تبدو هذه المهمة سهلة، حيث إن شاغلي المقاعد من الديمقراطيين في هذه الولايات يتمتعون بأفضلية وبثبات توقعات استطلاعات الرأي، التي تتجاوز بفارق كبير نسبة تأييد الرئيس الديمقراطي جو بايدن نفسه. كما أن المرشّحين الجمهوريين للتنافس على هذه المقاعد، غالبيتهم من الوجوه الجديدة، ولم يشغلوا أي مناصب منتخبة، من أمثال بيرني مورينو في ولاية أوهايو، وتيم شيهي في مونتانا، وديف ماكورميك في بنسلفانيا، وإريك هوفد في ويسكنسن. فضلاً عن أن الجمهوريين، كاري ليك من أريزونا، وسام براون من نيفادا، المرشّحين هذا العام أيضاً، كانا قد خسرا في عام 2022.
في المقابل، يرى الديمقراطيون أن فرصهم في الاحتفاظ بالأغلبية في مجلس الشيوخ لا تزال كبيرة، بالاستناد إلى أرقام الاستطلاعات لمرشحيهم، بما فيها في الولايات «الحمراء»، ورهانهم على تحسّن أرقام الرئيس بايدن من الآن حتى موعد الانتخابات. وفيما يحاول الجمهوريون التركيز على ساحات المنافسة المعتادة في مجلس الشيوخ، فإن كلا الحزبين يسعيان إلى تأمين الفوز في ولايات يعتقدون أن تغييراً قد طرأ على مزاج ناخبيها في السنوات الأخيرة.
يركّز الحزب الجمهوري على ولاية ماريلاند، التي لم تنتخب جمهورياً في مجلس الشيوخ منذ عام 1980، في حين يتطلع الديمقراطيون إلى ولاية تكساس التي لم يفوزوا بها منذ عام 1988. وفيما يقول السيناتور الديمقراطي شومر إن الفوز في تكساس ممكن، أو على الأقل كما يراهن بعضهم، يعترف ماكونيل بأن الولاية لم تعد «حمراء» كما كانت في السابق، لكنه لا يزال يعتقد بصعوبة خسارة كروز وريك سكوت مقعديهما.
رهان على قضية الإجهاض
يراهن الديمقراطيون على الاستفادة من تراجع حقوق الإجهاض في عشرات الولايات، لإقناع الجمهوريين المعتدلين بالتصويت لصالحهم، فضلاً عن تشجيع الإقبال وسط الديمقراطيين المترددين في دعم بايدن. ونجح الديمقراطيون في طرح هذه القضية على الاستفتاء في كثير من الولايات، على بطاقة السباق الرئاسي والكونغرس.
وقالت رئيسة لجنة الحملة التشريعية الديمقراطية، هيذر ويليامز: «نحن بحاجة إلى الفوز على المستوى الفيدرالي، وفي الولايات، والفوز بإجراءات الاقتراع هذه، لبناء السلطة في مجالس الولايات، لأن هذه هي الطريقة التي يمكننا بها الردّ على أجندة الجمهوريين الضارة».
ونجح الديمقراطيون في ولايات مثل فلوريدا وميسوري، حيث يسيطر الجمهوريون على مناصب الحكام والمجالس التشريعية للولاية، في فرض الاستفتاء على الحق في الإجهاض، قائلين إنه قد يكون «أفضل حلّ قصير المدى لحماية الحقوق».