أخبار

«حصانة» ترمب الرئاسية أمام المحكمة العليا

تنظر المحكمة العليا الأميركية، الخميس، في ادّعاء الرئيس السابق دونالد ترمب بأن لديه «حصانة» ضد أي ملاحقات قضائية على أفعال قام بها أثناء وجوده في البيت الأبيض، من دون أن يُعرف متى يمكن للقضاة التسعة أن يبتوا في القضية، وبالتالي تحديد ما إذا كان سيخضع للمحاكمة بتهمة التآمر لقلب نتائج انتخابات عام 2020.

وأدت الدعوى أمام المحكمة العليا إلى تأخير موعد بدء المحاكمة المقررة في واشنطن العاصمة، مما يضع القضاة التسعة في المحكمة العليا أمام موقف مشحون، نظراً لأن موعد المحاكمة يمكن أن يؤثر على مستقبل ترمب سياسياً بوصفه المرشح الجمهوري الأوفر حظاً للانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. ويمكن للمحكمة العليا أن تصدر حكمها في أي وقت بعد المرافعات، وصار مؤكداً أنها ستفعل ذلك قبل إجازة الصيف في أواخر يونيو (حزيران) أو أوائل يوليو (تموز) المقبلين، مما قد يدفع أي محاكمة إلى موسم الانتخابات الرئاسية.

وتوقع خبراء قانونيون أن يبدي القضاة آراءهم في شأن ما إذا كان يمكن مقاضاة ترمب جنائياً على أعمال قام بها خلال فترته الرئاسية، في مسألة أثارها الرئيس السابق أيضاً في محاكمتين منفصلتين في كل من فلوريدا وجورجيا. ولكن بمجرد قبولها النظر في الأمر، ساعدت المحكمة العليا ترمب على تحقيق هدفه المتمثل بتأجيل محاكمته على الأقل في واشنطن العاصمة، علماً أنها كانت مقررة أن تبدأ الأسبوع الحالي. وضغط ترمب مراراً لتأجيل كل محاكماته إلى ما بعد الانتخابات، مما أثار احتمال أن يرفض الدعاوى الفيدرالية، إذا انتخب رئيساً.

الحصانة والجناية

وجاء في الأمر الموجز في قضية الحصانة أن القضاة «لم يُعبّروا عن وجهة نظر في شأن موضوع القضية»، وسينظرون فقط في مسألة «ما إذا كان الرئيس السابق يتمتع بالحصانة الرئاسية من الجرائم الجنائية. وإذا كان الأمر كذلك، إلى أي مدى يحاكم بسبب سلوك يُزعم أنه ينطوي على أعمال رسمية خلال فترة توليه منصبه».

 

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب متحدثاً على هامش محاكمته في نيويورك يوم 23 أبريل (رويترز)

 

وكان ترمب، الذي دفع ببراءته في كل قضاياه الجنائية، أشاد بالمحكمة العليا لموافقتها على قبول استئناف حكم أصدرته المحكمة الفيدرالية في واشنطن العاصمة، قائلاً إنه من دون الحصانة الرئاسية «سيشعر الرؤساء دائماً بالقلق، وحتى بالشلل، من احتمال الملاحقة القضائية غير المشروعة. والانتقام بعد تركهم مناصبهم. وهذا يمكن أن يؤدي في الواقع إلى ابتزاز الرئيس».

وطبقاً للقرار الاتهامي الذي أصدره المستشار القانوني الخاص المعين من وزارة العدل جاك سميث، يواجه ترمب في محكمة العاصمة تهماً جنائية كثيرة تتعلق بالتخطيط لإلغاء فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية لعام 2020، والتآمر للاحتيال على الولايات المتحدة، والتآمر لعرقلة المصادقة الرسمية في الكونغرس على فوز بايدن، وعرقلة إجراءات الكونغرس، وانتهاك القانون، والتآمر على حق الأميركيين في التصويت.

ولكن الرئيس السابق طعن في القرار الاتهامي، عادّاً أن الرؤساء السابقين يتمتعون بالحصانة من الملاحقة القضائية، على الأقل في الإجراءات المتعلقة بواجباتهم الرسمية، ما لم يجر عزلهم وإدانتهم من قبل الكونغرس.

أحكام الاستئناف

وكتب القضاة الثلاثة في محكمة الاستئناف الفيدرالية للعاصمة واشنطن أنه «لا يمكننا قبول ادعاء الرئيس السابق ترمب بأن الرئيس يتمتع بسلطة غير محدودة لارتكاب جرائم من شأنها تحييد الضوابط الأساسية على السلطة التنفيذية».

 

صورة من الأرشيف لاحتجاجات أنصار الرئيس السابق دونالد ترمب واقتحامهم مبنى الكابيتول في واشنطن 6 يناير 2021 (أ.ب)

 

وطلب ترمب من المحكمة العليا وقف حكم محكمة الاستئناف مؤقتاً، ومنحه الوقت لإعادة الاستماع من مجموعة كاملة من قضاة العاصمة. وجادل محاموه أنه لا ينبغي تهميشه من الحملة الانتخابية من خلال محاكمة جنائية تستمر أشهراً.

رداً على ذلك، حضّ مكتب سميث المحكمة العليا على السماح بسرعة بمواصلة المحاكمة، ورفض ادعاء ترمب بأن حقوق الناخبين الأميركيين تتطلب تأخيراً. وكتب ممثلو الادعاء: «على العكس، تتضمن التهم هنا جهوداً مزعومة لمقدم الطلب لحرمان عشرات الملايين من الناخبين من حقهم في التصويت».

وبينما رفضت المحكمة العليا طلباً سابقاً لسميث في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بتخطي المراجعة من محكمة الاستئناف والنظر السريع في مطالبة ترمب بالحصانة، رفضت المحكمة العليا طلب ترمب بوقت إضافي لطلب المراجعة من محكمة الاستئناف بكامل هيئتها.

مسائل «غير عادية»

 

تنظر المحكمة العليا في قضية «حصانة» ترمب (رويترز)

 

وفي تقييم ما إذا كان أربعة على الأقل من القضاة التسعة سيوافقون على تناول أي قضية، أشار المحللون إلى المخاطر الكبيرة والمسائل القانونية غير العادية المطروحة، ولا سيما أن ترمب هو أول رئيس أميركي سابق يُتهم بارتكاب جريمة. ويعتقد الكثيرون أن القضاة يريدون أن تكون لهم الكلمة الأخيرة في مثل هذه القضية المهمة، مثل ما إذا كان محصناً من الملاحقة القضائية.

وأثار ترمب أيضاً قضايا الحصانة في قضيته الفيدرالية في فلوريدا، حيث يُتّهم بالاحتفاظ بشكل غير قانوني بمواد سرية بعد مغادرته البيت الأبيض، وعرقلة جهود الحكومة لاستعادتها. وجادل في ملف الأسبوع الماضي بأنه يجب إسقاط هذه الاتهامات.

ومن المقرر إجراء محاكمة فلوريدا في 20 مايو (أيار) المقبل، لكن يمكن تأجيلها. كما أثار ترمب مسألة الحصانة الرئاسية في جورجيا، حيث يواجه اتهامات حكومية بزعم مشاركته في مؤامرة واسعة النطاق لتزوير نتائج انتخابات 2020 في الولاية.