أخبار

أميركا: فوز مفاجئ يعزز رهان حملة بايدن على قضية الإجهاض

عادت قضية الإجهاض إلى واجهة الحملات الانتخابية بين الديمقراطيين والجمهوريين، بعدما حقّق الديمقراطيون فوزاً مفاجئاً في انتخابات خاصة بولاية ألاباما، التي تُعدّ تاريخياً معقلاً رئيسياً للمحافظين الجمهوريين. وجاء هذا الفوز في اليوم نفسه الذي أجرت فيه المحكمة العليا الأميركية جلسة استماع مطوّلة الثلاثاء، شكّك فيها القضاة بالجهود المبذولة لتقييد الوصول إلى عقار يُستخدم في عمليات الإجهاض.

رهان على قضية الإجهاض

وعزَّزت هذه التطورات رهانات الديمقراطيين على إمكانية تكرار نجاحاتهم في الانتخابات النصفية التي جرت عام 2022، حين تمكنوا من صد «الموجة الحمراء» التي كان الجمهوريون يتوقعون تحقيقها في ذلك العام، للهيمنة على مجلس النواب، بعدما خسر معظم المرشحين المدعومين من الرئيس السابق دونالد ترمب لأسباب كان أبرزها دعمهم تقييد حقّ الإجهاض.

وفازت المرشحة الديمقراطية، مارلين لاندز، بشكل حاسم بمقعد في مجلس نواب ولاية ألاباما، بمنطقة يسيطر عليها الجمهوريون منذ فترة طويلة. وحققت لاندز هذا الفوز بعد أن ركّزت حملتها على تعزيز الوصول إلى الإجهاض والتخصيب في المختبر. وكان فوزها الأحدث في سلسلة من الانتصارات الديمقراطية حول الحقوق الإنجابية، بعد أن تعرّض المدافعون عن حقوق الإجهاض لضربة قوية منذ ما يقارب عامين، حين أبطلت المحكمة العليا هذا الحق، عام 2022.

 

نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تتحدث في سلما – ألاباما (إ.ب.أ)

 

وفازت لاندز على الجمهوري تيدي باول بفارق كبير، نحو 25 نقطة مئوية، في منطقة شمال ألاباما، التي كان ترمب قد فاز فيها عام 2020. وترشحت لاندز لهذا المقعد في عام 2022، لكنها خسرته بسبع نقاط مئوية. غير أن خصمها الجمهوري آنذاك، ديفيد كول، استقال من مقعده، وأقرّ بأنه مذنب بارتكاب جرائم احتيال من خلال الترشح والتصويت في المنطقة باستخدام عنوان خاطئ، مما أدّى إلى إجراء انتخابات خاصة.

وعٌدّ هذا السباق اختباراً جديداً لاستراتيجيات هذا العام الانتخابي، حيث يأمل الديمقراطيون في استخدامه بولايات أخرى. وراهنوا على غضب الناخبين من الحظر الصارم الذي تفرضه ألاباما على معظم عمليات الإجهاض، وعلى الحكم القضائي الأخير لمحكمتها العليا، الذي عدت فيه ائتلاف الأجنة المجمَّدة من خلال التلقيح الصناعي جريمة قتل غير عمد، وهو القرار الذي أوقف مؤقتاً هذا الإجراء الطبي في الولاية، وأثّر على كثير من العائلات التي تخطط لاستخدام التلقيح الاصطناعي لإنجاب طفل.

في المقابل، حاول المرشح الجمهوري باول تجنب الحديث عن الإجهاض والتلقيح الاصطناعي أثناء ترشحه للمقعد. واتهم منافسته بمحاولة تحويل الإجهاض إلى قضية وطنية، بينما ركز على القضايا المحلية، مثل إصلاح الطرق والمدارس.

حملة بايدن «متفائلة»

وعلّق الديمقراطيون، بما في ذلك حملة الرئيس جو بايدن، على النتيجة، قائلين إن فوز لاندز يظهر كيف يمكن لمرشحيهم الفوز في سباقات صعبة من خلال تسليط الضوء على الإجهاض كنقطة محورية. وقالت جولي شافيز رودريغيز، مديرة حملة بايدن ونائبته كامالا هاريس، في بيان: «يجب أن تكون نتائج (ليلة الثلاثاء) بمثابة علامة تحذير لترمب. لن يؤيد الناخبون هجماته على رعاية الصحة الإنجابية».

وقالت هيذر ويليامز، رئيسة لجنة الحملة التشريعية الديمقراطية، إن «هذه الانتخابات الخاصة مؤشر لما هو قادم. لقد تمّ تنبيه الجمهوريين في جميع أنحاء البلاد بأن هناك عواقب للهجمات على التلقيح الاصطناعي، من الولايات الزرقاء إلى الولايات الحمراء. يختار الناخبون النضال من أجل حرياتهم الأساسية من خلال انتخاب الديمقراطيين في جميع أنحاء البلاد».

وبالفعل، دعم الناخبون حقوق الإجهاض في العديد من الانتخابات بجميع الولايات، بما في ذلك الولايات ذات الميول المحافظة، مثل كانساس وأوهايو وكنتاكي.

قرار مرتقب

على صعيد فيدرالي، بدت المحكمة العليا متشككة في الجهود المبذولة لتقييد الوصول إلى حبوب الإجهاض «ميفيبريستون» المستخدمة على نطاق واسع، بنسبة أكثر من 62 في المائة. وأثار القضاة المحافظون والليبراليون على حد سواء تساؤلات حول ما إذا كان الأطباء المناهضون للإجهاض يمكنهم إثبات ضرر ملموس يمنحهم الحق في رفع دعوى قضائية، وما إذا كان هناك حكم قضائي فيدرالي يتيح التراجع عن توافر الدواء.

 

علب من عقار «ميفيبريستون» المستخدَم في غالبية حالات الإجهاض بأميركا (أ.ب)

 

وخلال ما يقرب من 90 دقيقة من المرافعات الشفهية، الثلاثاء، أعرب قاضيان محافظان عيّنهما ترمب، هما نيل غورستش وآيمي باريت، عن شكوك متكررة حول الأضرار التي ادّعى الأطباء المناهضون للإجهاض أنهم واجهوها في علاج المرضى الذين تناولوا عقار «ميفيبريستون». وتساءل القاضيان أيضاً عما إذا كان تقييد الوصول إلى الدواء سيعالج تلك الأضرار المزعومة.

وبينما يُرجَّح أن يصدر القرار النهائي للمحكمة في شهر يونيو (حزيران) المقبل، يُتوقع أن يمنح إدارة بايدن وسلطة إدارة الغذاء والدواء، انتصاراً كبيراً في تنظيم الأدوية الموصوفة، وللمدافعين عن حقوق الإجهاض الذين سعوا إلى حماية الوصول إلى العقار.

ورغم ذلك، تساءل البعض عمّا إذا كان القرار المتوقَّع استجابة لضغوط «لوبي» شركات الدواء الأميركية، الذي يُعد من بين أقوى جماعات الضغط السياسية في البلاد.

ويُتّهم هذا اللوبي بتعطيل الجهود الهادفة إلى خفض أسعار الدواء، في بلد تعد تكلفة الاستشفاء والدواء فيه واحدة بين الأغلى على مستوى العالم.