أخبارسلايد 1سياسةشؤون خارجية

“ميدل إيست آي”: أمريكا تستمر في حربها بأفغانستان رغم مغادرتها

نشر موقع “ميدل إيست آي ” البريطاني مقالا للكاتب جوناثان كوك، سلط فيه الضوء على استمرار الحرب الأمريكية في أفغانستان رغم سحب قوات الجيش الأمريكي منها.

الصحفى البريطاني جوناثان كوك

وتابع: “لطالما كانت الولايات المتحدة باستمرار خاسرا لئيما. سواء رأت في نفسها قوة امبريالية أو قوة عسكرية عظمى أو – كما بات دارجاً في الاصطلاح المفضل في يومنا هذا – “شرطي العالم”، فإنها تفترض بأن على كل من عداها أن يخضع لإرادتها”.

وتاليا نص المقال كاملا

لطالما كانت الولايات المتحدة باستمرار خاسراً لئيماً. سواء رأت في نفسها قوة امبريالية أو قوة عسكرية عظمى أو – كما بات دارجاً في الاصطلاح المفضل في يومنا هذا – “شرطي العالم”، فإنها تفترض بأن على كل من عداها أن يخضع لإرادتها.

وهذا معاً يشكل السياق للحكم على الاستهجان الذي يتردد عويله في العواصم الغربية بشأن تعجل الجيش الأمريكي في الخروج من كابول، آخر معاقله داخل أفغانستان.

تعالت كثير من الأصوات على جانبي الأطلسي معربة عن الامتعاض الشديد إزاء ذلك الإجلاء الفوضوي، ويصعب ألا يسمع المرء من بينها – وحتى بعد عقدين من الاحتلال العسكري الكارثي والعبثي تماماً لأفغانستان – أصواتاً ملؤها الحنين إلى نوع من إعادة الاشتباك.

وصف بعض السياسيين الانسحاب بالهزيمة وقالوا في حالة من الرثاء إنه دليل على أن الولايات المتحدة قوة متقهقرة، بينما حذر البعض الآخر من أن أفغانستان ستصبح ملاذاً للتطرف الإسلامي، الأمر الذي سيفضي إلى صعود الإرهاب العالمي.

في هذه الأثناء يعرب اللبراليون عن قلقهم الشديد من تجدد العدوان على حقوق المرأة تحت حكم الطالبان، وبعضهم يطالب بتمكين المزيد من الأفغان من الفرار.

ما يمكن قراءته بين السطور هو أن القوى الغربية تحتاج إلى المزيد من قليل – أو ربما كثير – من التدخل ولمدة أطول في شؤون أفغانستان. ما يقصد قوله ضمناً هو أن الوضع ما زال قابلاً للإصلاح، أو على الأقل يمكن معاقبة الطالبان من باب ردع الآخرين حتى لا يتأسوا بهم ويسيروا على خطاهم.

وكل هذا يتجاهل حقيقة أن ما يسمى “الحرب من أجل أفغانستان” تحققت خسارتها منذ وقت طويل. لم تقع “الهزيمة” في مطار كابول، بل كان الإخلاء اعترافاً متأخراً جداً بأن الجيش الأمريكي لم يكن لديه مبرر، ولا حتى ذلك المفترض، للتواجد في أفغانستان بعد أن تمكن أسامة بن لادن من الإفلات وتجنب الأسر.

في الحقيقة، وكما بين الخبراء في شؤون المنطقة، لقد هزمت الولايات المتحدة نفسها. فبمجرد أن فرت القاعدة من أفغانستان، وأوى مقاتلو الطالبان المعاقبون إلى قراهم بلا شهية لمقارعة الروبوكوب الأمريكي، انتهز الفرصة كل أمير حرب أو كل زعيم قبيلة تلك اللحظة، فراحوا يصفون الحسابات مع الأعداء ويبلغون عنهم، ويسلمون للأمريكان خصومهم باعتبار أنهم “إرهابيون” أو طالبان.

راح القادة العسكريون الأمريكيون ينسفون ثغرات أكبر فأكبر من خلال “سلام أمريكا” الجديد بينما تنفذ طائراتهم المسيرة قصفاً عشوائياً يحصد الأرواح دون تمييز بين صديق وعدو. سرعان ما غدت لدى معظم الأفغان خارج نطاق النخبة الفاسدة في كابول أسباب وجيهة لبغض الأمريكان والرغبة في رؤيتهم يرحلون. لقد كان البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) هو من أعاد الطالبان وبعثهم من بعد موت.

تلفيق مخاتل

ولكن لم تكن النخبة الأفغانية وحدها غارقة في الفساد. بل تحولت البلاد إلى حفرة بلا قرار، كابول في المركز منها، تصب فيها كميات لا حصر لها من أموال دافعي الضرائب في الولايات المتحدة وبريطانيا، ثم تجد طريقها إلى جيوب من أثرتهم داخل قطاع الصناعات الحربية من مسؤولي الدفاع وصانعي السلاح والمرتزقة ومقاولي القطاع الخاص.

أنتجت تلك السنون العشرون لوبياً نشطاً وقوياً لأفغانستان في القلب من واشنطن توفرت لديه كل الحوافز لكي يستمر في الترويج لرواية “الحرب القابلة للكسب”.

فهم هذا اللوبي أن ثراء القائمين عليه أفضل ما يروج له هو رفع شعار “التدخل الإنساني”، أي أن الغرب ملزم بجلب الديمقراطية إلى أفغانستان.

هذا التلفيق المخاتل، الذي تنطلق بالدفاع عنه حناجر السياسيين الآن، ليست الغاية منه فقط عقلنة الماضي وإنما أيضاً رسم ملامح المستقبل في أفغانستان، وبطرق أشد كارثية.

بعد أن غادر جنود أمريكا التراب الأفغاني يجري تكثيف الضغوط لشن الحرب بأساليب أخرى.

المصدر: موقع “ميدل إيست آي ” البريطاني

عربي ٢١

اترك تعليقاً