أخبار

هاريس… نقاط القوة والضعف أمام ترمب

حسمت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، إلى حد بعيد، معركة الحصول على بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي، لخوض الانتخابات الرئاسية في مواجهة خصمها الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب. وبدا أن تغييرات عميقة ستطرأ على حملة الحزبين، مدفوعة بتغير كثير من العوامل التي تحكمت في السباق، قبل انسحاب الرئيس جو بايدن. وبعدما كان التركيز على صحة بايدن وسنه هو الورقة الرابحة في أيدي الجمهوريين، انقلب السيناريو ليصبح ترمب الآن أكبر مرشح رئاسي في تاريخ الانتخابات الأميركية. فهو يبلغ من العمر 78 عاماً، وله تاريخ من أمراض القلب والسمنة، وفق خبراء.

كانت سن المرشحَين الرئاسيين قضية رئيسية بالنسبة للناخبين هذا العام. وأظهرت استطلاعات للرأي، جرت قبل مؤتمر الحزب الجمهوري الأسبوع الماضي، أن 60 في المائة من الأميركيين قالوا إن ترمب متقدم في السن، بحيث لا تسمح له سنه بولاية أخرى رئيساً. وبين هؤلاء 82 في المائة من الديمقراطيين، و65 في المائة من المستقلين، و29 في المائة من الجمهوريين.

سحب قضية سن بايدن

ومع تعطيل عامل سن بايدن، سيواجه ترمب شخصاً أصغر منه بعقدين من الزمن (هاريس تبلغ 59 عاماً)، ما قد يضعه أمام مراقبة مستمرة؛ خصوصاً أن أخطاءه لم تكن خافية، سواء تلك الناجمة عن سنّه أو عن ادعاءاته غير الصحيحة التي يمكن لهاريس الرد عليها بسهولة.

ورغم أن الديمقراطيين قد يستخدمون هذا العامل لشن هجماتهم على ترمب، فإن عوامل أخرى لا تقل أهمية بدأت تحضر في إعلاناتهم وهجماتهم، لتركز مجدداً على أن المعركة هي بين رؤيتين مختلفتين لمستقبل البلاد. وبينما يرجّح كثير من الخبراء أن تعود الديناميكيات العامة للمسابقة إلى التركيز على أنها «استفتاء» على الرئيس السابق، غير أن الاختلافات بين ترمب وهاريس قد تكون هي العامل الذي سيرجّح كفة السباق المتقارب بينهما.

 

جيمس دي فانس نائب الرئيس الأميركي السابق ومرشح الحزب الجمهوري دونالد ترمب (أ.ب)

 

قضية «الجندر» والإجهاض

وتحضر على الفور قضية الجنس -أو «الجندر»- حيث يعد ترمب المرشح الأقل شعبية في صفوف النساء. فقد صدر بحقه كثير من الأحكام القضائية، من قضية الاعتداء على الكاتبة جين كارول، إلى إدانته بتهمة تزوير سجلات مالية لإخفاء علاقته الجنسية المزعومة مع ممثلة أفلام للبالغين. كما أن هاريس قد تأخذ زمام المبادرة في جهود الديمقراطيين لحماية الحق في الإجهاض على المستوى الوطني، وهو ما قد يمنحها تفوقاً واضحاً؛ حيث سيجدها كثير من الناخبين المهتمين بهذا الحق ممثلاً أكثر تعاطفاً من الرئيس السابق.

ويرى كثير من مراقبي الانتخابات أن ترمب قد يواجه مشكلة إضافية مع النساء؛ خصوصاً بعد اختياره نائبه جيمس دي فانس الذي قد يتحوّل إلى عبء عليه، بسبب مواقفه المتطرفة تجاه النساء والإجهاض.

فقد أظهرت استطلاعات الرأي باستمرار أن نسبة النساء اللاتي يخططن للتصويت له في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أقل من اللواتي فعلن ذلك عام 2020. وليس لدى فانس ما يقدمه لترمب في هذا الشأن؛ بل على العكس تماماً، فهو يخاطر بتفاقم مشكلة رئيسية. وبعدما كان من المفترض أن يكون اختياره فانس إلى حد بعيد لتنشيط قاعدة «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى) وتعزيز فرص الحزب الجمهوري في ولايات ما يسمى «حزام الصدأ»، قد يتحول إلى مشكلة حين يتم تثبيت هاريس منافسةً له.

ومن غير المرجح أن تُنسى مواقف فانس الصارمة المناهضة للإجهاض في الماضي، وسلسلة من التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها حول الزواج والطلاق. ورغم قيامه أخيراً بتعديل موقفه بشأن الإجهاض ليتوافق مع موقف ترمب الذي يرى أن الإجهاض يجب أن يُترك للولايات؛ فإنه في عام 2022، عندما كان مرشحاً لمجلس الشيوخ في ولاية أوهايو، قال إنه يود أن يرى حظراً وطنياً للإجهاض دون استثناءات، حتى في حالات الاغتصاب أو سِفاح القربى.

 

الرئيس الأميركي جو بايدن في صورة سابقة خلال قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في واشنطن في 11 يوليو الحالي (أ.ب)

 

النساء أكبر كتلة انتخابية

وتشكل النساء حالياً 51 في المائة من السكان في سن التصويت بالولايات المتحدة، وقد أصبحت أصواتهن محسوسة منذ إلغاء المحكمة العليا هذا الحق في يونيو (حزيران) 2022. وفي الانتخابات النصفية التي أجريت بعد وقت قصير من قرار المحكمة العليا، كان لتصويت النساء الفضل في حرمان الجمهوريين من تحقيق «موجة حمراء» في الانتخابات النصفية في ذلك العام. وبشكل عام، أدلت الناخبات بمعدلات أعلى من الرجال في عام 2022، مع مشاركة عالية بشكل خاص في بعض الولايات الرئيسية، مثل أريزونا وميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن، والتي من المرجح أن تحدد نتيجة السباق الرئاسي لعام 2024 أيضاً. وفي ذلك العام، انتخبت 12 ولاية حكامها من النساء، وهو رقم قياسي.

وفي الأسبوع الماضي، بينما كانت الضغوط تزداد على بايدن للانسحاب من السباق، كان ترمب لا يزال يتخلف عنه بين الناخبات في ولايته فلوريدا.

قضية أخرى قد يستخدمها الديمقراطيون ضد ترمب، هي علاقته بنظام العدالة الجنائية؛ حيث إن هاريس مدعية عامة سابقة ومدعية عامة لولاية كاليفورنيا. ومع قضايا التحرش ومحاولته إلغاء نتائج انتخابات 2020، وقضية الوثائق السرية، فقد يتعرض ترمب لهجمات هاريس المركزة؛ حيث قالت أخيراً إنها «سبق لها التعامل مع مدان».

 

صورة مشتركة للرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

 

الأقليات والشباب

كما أن قضية الأقليات -وخصوصاً الناخبين الشباب منهم- قد تكون من بين القضايا الرئيسية. فهاريس تعد شابة بمعايير انتخابات هذا العام، وتعكس التنوع المتزايد في أميركا، بوصفها واحدة من 10 في المائة من الأميركيين ذوي الخلفيات العرقية المختلطة (نحو 15 في المائة من سكان الولايات المتحدة الذين تقل أعمارهم عن 18 عاماً هم من أعراق متعددة). ورغم أن هذا العامل قد لا يضمن لها دعماً كبيراً من السود أو من جنوب آسيا أو مجموعات التصويت الأخرى من غير البيض؛ فإنه يرسم تناقضاً أكثر حدة مع ترمب، رغم أن الأخير قد يستخدمه لوصف نفسه بأنه «يدافع عن البيض المحاصرين».

ومع ذلك، يتوقع أن يستخدم ترمب سجل هاريس بصفتها نائبة بايدن، لانتقادها بسبب إخفاقات الإدارة الملموسة؛ حيث سيكون من السهل ربط مواقف الإدارة بشأن الانسحاب من أفغانستان أو الحرب في غزة أو قضية أمن الحدود، بها.

وحتى الآن، كانت استطلاعات الرأي تشير إلى تقدم ترمب على بايدن وهاريس. لكن بانتظار صدور استطلاعات جديدة، بعد انسحاب بايدن، ربما تظهر دلائل جديدة عمّا إذا كانت هاريس ستكون قادرة على الحصول على فرصة أفضل لتحقيق الفوز.