«يجب إقالة الآلاف من موظفي الخدمة المدنية، وتوسيع سلطة الرئيس، وتفكيك وزارة التعليم والوكالات الفيدرالية الأخرى…». هذه كانت أبرز ملامح «مشروع 2025» الذي أصدرته مؤسسة التراث المحافظة الأميركية، والذي يحشد الديمقراطيون ضده بوصفه الأجندة السياسية المحتملة للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إذا تم انتخابه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».
وذكرت «بي بي سي» أن مؤسسة التراث كشفت في أبريل (نيسان) 2023 عن المشروع، وفي أوائل شهر يوليو (تموز) الماضي، أثار رئيس المؤسسة كيفن روبرتس، خلال مقابلة احتمال وقوع أعمال عنف سياسية وقال: «نحن في خضم الثورة الأميركية الثانية، والتي ستبقى غير دموية إذا سمح اليسار بذلك».
وقد أعادت التصريحات تركيز الاهتمام على «مشروع 2025»، ودفعت حملة بايدن إلى اتهام ترمب وحلفائه بـ«الحلم بثورة عنيفة».
ومن الشائع أن تقترح مؤسسات الفكر والرأي في واشنطن أفكاراً سياسية للحكومات، فعلى سبيل المثال، أطلق على مركز ليبرالي لقب «مصنع أفكار» الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما خلال فترة رئاسته.
ماذا قال ترمب عن مشروع «2025»؟
في أوائل يوليو، قال ترمب، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنه لا يعرف «شيئاً عن مشروع 2025»، وأضاف: «ليس لدي أي فكرة عمن يقف وراء ذلك، وأنا لا أتفق مع بعض الأشياء التي يقولونها، وبعض الأشياء التي يقولونها سخيفة للغاية عن أي شيء يفعلونه، أتمنى لهم التوفيق، لكن ليس لدي أي علاقة بهم».
ومع ذلك، فإن كثيراً من الأشخاص المرتبطين بالمشروع عملوا في إدارة ترمب أو بوصفهم حلفاء في حملة إعادة انتخابه، حيث كان مدير «مشروع 2025»، بول دانس، رئيساً للموظفين في مكتب إدارة شؤون الموظفين في عهد ترمب، وكان المدير المساعد سبنسر كريتيان مساعداً خاصاً سابقاً لترمب، ومديراً مساعداً للموظفين العاملين بالرئاسة.
وتعد مؤسسة التراث واحدة من أكثر مؤسسات الفكر والرأي تأثيراً، والتي أنتجت أوراقاً سياسية لتوجيه رئاسة ترمب الثانية المحتملة.
ويحدد «مشروع 2025» استراتيجيات لتنفيذ السياسات التي تبدأ مباشرة بعد تنصيب الرئيس في يناير (كانون الثاني).
وفي خطاباته وعلى موقعه على الإنترنت، أيد ترمب عدداً من الأفكار المدرجة في «مشروع 2025»، على الرغم من أن حملته قالت إن المرشح له الكلمة الأخيرة في السياسة.
وسوف تواجه مقترحات كثيرة تحديات قانونية فورية إذا تم تنفيذها.
ما «مشروع 2025»؟
تحدد وثيقة «مشروع 2025» أربعة أهداف رئيسية: استعادة الأسرة باعتبارها محور الحياة الأميركية، وتفكيك الدولة الإدارية، والدفاع عن سيادة الوطن وحدوده، وتأمين الحقوق الفردية التي وهبها الله للعيش بحرية.
والوثيقة واحدة من عدة أوراق سياسية لمنصة تُعرف على نطاق واسع باسم «أجندة 47»، وقد سُميت بذلك لأن ترمب سيكون الرئيس السابع والأربعين لأميركا في حالة فوزه.
وتقول مؤسسة التراث إن «مشروع 2025» كتبه كثير من المعينين السابقين من قبل ترمب، ويعكس مساهمات من أكثر من 100 منظمة محافظة.
وفيما يلي الخطوط العريضة لكثير من المقترحات الرئيسية:
الحكومة: تقترح وثيقة «مشروع 2025» وضع البيروقراطية الفيدرالية بأكملها، بما في ذلك الوكالات المستقلة مثل وزارة العدل، تحت السيطرة الرئاسية المباشرة، ومن الناحية العملية، سيؤدي ذلك إلى تبسيط عملية صنع القرار، مما يسمح للرئيس بتنفيذ السياسات بشكل مباشر في عدد من المجالات.
وتدعو أيضاً إلى إلغاء الحماية لآلاف الموظفين الحكوميين، الذين يمكن بعد ذلك استبدالهم بواسطة سياسيين.
وتصف الوثيقة مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنه «منظمة متضخمة ومتغطرسة وغير قانونية»، وتدعو إلى إجراء إصلاحات جذرية لهذه الوكالة وغيرها من الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك إلغاء وزارة التعليم.
الهجرة: تقترح الوثيقة زيادة التمويل لبناء جدار على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، وهو أحد مقترحات ترمب في عام 2016.
وكذلك توحيد وكالات الهجرة المختلفة والتوسع الكبير في صلاحياتها.
وتشمل المقترحات الأخرى زيادة الرسوم على المهاجرين، والسماح بتقديم طلبات سريعة للمهاجرين الذين يدفعون رسوماً أكبر.
المناخ والاقتصاد: وتقترح الوثيقة خفض الأموال المخصصة للبحث والاستثمار في الطاقة المتجددة، وتدعو الرئيس المقبل إلى «وقف الحرب على النفط والغاز الطبيعي».
وسوف يحل محل أهداف الحد من الكربون الجهود الرامية إلى زيادة إنتاج الطاقة وأمنها.
وتطرح الورقة رؤيتين متنافستين بشأن التعريفات الجمركية، وتنقسم حول ما إذا كان ينبغي للرئيس المقبل أن يحاول تعزيز التجارة الحرة أو رفع الحواجز أمام الصادرات، لكنّ المستشارين الاقتصاديين يشيرون إلى أن إدارة ترمب الثانية يجب أن تخفض الضرائب على الشركات والدخل، وتلغي الاحتياطي الفيدرالي، بل وتفكر في العودة إلى العملة المدعومة بالذهب.
الإجهاض: لا يدعو «مشروع 2025» إلى حظر الإجهاض على المستوى الوطني، ومع ذلك فهو يقترح سحب حبوب الإجهاض من الأسواق.
التكنولوجيا والتعليم: وبموجب المقترحات، سيتم حظر المواد الإباحية، وسيتم إغلاق شركات التكنولوجيا والاتصالات التي تسهل الوصول إلى هذا المحتوى.
وكذلك تطالب الوثيقة بحذف قائمة طويلة من المصطلحات من جميع القوانين واللوائح الفيدرالية، بما في ذلك «التوجه الجنسي»، و«التنوع والمساواة والشمول»، و«المساواة بين الجنسين»، و«الإجهاض»، و«الحقوق الإنجابية».
وفي المقابل، أطلق جاريد هوفمان، عضو الكونغرس الديمقراطي من كاليفورنيا، فريق عمل «أوقفوا مشروع 2025»، ووصف المشروع بأنه «مؤامرة بائسة جارية بالفعل لتفكيك مؤسساتنا الديمقراطية».
وقال هوفمان إن المشروع «سيلغي الضوابط والتوازنات، ويحد من الفصل بين الكنيسة والدولة، ويفرض أجندة يمينية متطرفة تنتهك الحريات الأساسية، وتنتهك الإرادة العامة، ونحن بحاجة إلى استراتيجية منسقة لإنقاذ أميركا، ووقف هذا الانقلاب قبل فوات الأوان».