أخبار
الديمقراطيون للجمهوريين: دعم أوكرانيا هو الأولوية وليس صحة أوستن
تحولت جلسة المساءلة التي خضع لها وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في الكونغرس، إلى منازلة سياسية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري حول قضية دعم أوكرانيا. وبينما حاول الجمهوريون استغلال دخوله السري إلى المستشفى للعلاج من سرطان البروستاتا، للنيل من إدارة الرئيس جو بايدن، قائلين إن غيابه عرّض الأمن القومي للخطر، نجح الديمقراطيون في تحويل النقاش قائلين إن في البلاد مشكلة أكبر ينبغي التصدي لها: أوكرانيا.
واستغل الديمقراطيون الجلسة وركزوا هجماتهم على رئيس مجلس النواب مايك جونسون والجمهوريين المحافظين، لعرقلتهم حزمة المساعدات بقيمة 95 مليار دولار لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان، التي أقرها مجلس الشيوخ بغالبية كبيرة من الحزبين. ورغم محاولة الجمهوريين التركيز على الجانب الشخصي لأوستن، في سياق اتهاماتهم المتوالية لإدارة الرئيس بايدن، الذي يواجه خلال حملته الانتخابية مع وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس، المساءلة وتحقيقات مع شقيقه وابنه، كجزء من تحقيقات مجلس النواب في سلوكهما، نجح الديمقراطيون في الرد على ما سموه «الغضب والدراما» من جانب الجمهوريين على أوستن، في حين أنهم ما زالوا يرفضون الموافقة على تمويل أوكرانيا.
لا تَخَلِّيَ عن أوكرانيا
وقال كبير الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب، النائب آدم سميث خلال الجلسة، إن الجدل الدائر حول صحة أوستن يتضاءل أمام تدهور وضع ساحة المعركة في أوكرانيا. وقال سميث: «مهما كانت آلات الدعاية الروسية والصينية حول هذا الوضع، أؤكد لكم أنه يتضاءل مقارنة بما يطلقونه حول حقيقة أنهم يعتقدون أن الولايات المتحدة تستعد للتخلي عن حليفتنا في أوكرانيا».
واستغل أوستن الجلسة لتقديم عرضه الخاص للحصول على مساعدات إضافية لأوكرانيا، وقال: «لا نريد أن نعيش في عالم حيث يمكن لدولة واحدة أن تعيد رسم حدود جارتها، وتستولي بشكل غير شرعي على أراضيها السيادية». «إذا نجح بوتين هنا، فلن يتوقف. سيستمر في اتخاذ إجراءات أكثر عدوانية في المنطقة، وسينظر المستبدون الآخرون في جميع أنحاء العالم إلى هذا، وسيتشجعون بحقيقة أن هذا حدث وفشلنا في دعم الديمقراطية».
الجمهوريون مع هزيمة روسيا ولكن
ورغم ذلك، انتقد كثير من الجمهوريين الديمقراطيين لتغييرهم الموضوع، قائلين إنهم أيضاً يدعمون تسليح أوكرانيا. وقال رئيس اللجنة النائب الجمهوري مايك روجرز: «أود أن أوضح أنني قررت الدعوة إلى هذه الجلسة ولا يوجد مؤيد أقوى لتمويل أوكرانيا مني». وألمح النائب الجمهوري الكبير، النائب أوستن سكوت، إلى مخاوف الديمقراطيين بشأن المساعدة لأوكرانيا، لكنه أضاف أن كثيراً من المشرعين من الحزب الجمهوري يريدون فرض عقوبات أكثر صرامة على بوتين وروسيا بالإضافة إلى المساعدات العسكرية. وقال سكوت: «دعوني أؤكد لكم أننا نريد أن يفوز الأوكرانيون، ونريد أن يخسر بوتين. لكن أحد الأشياء الرئيسية التي طالب بها الكثيرون منا والتي صوتوا لصالح الأوكرانيين مراراً وتكراراً هو تطبيق العقوبات ضد روسيا». وأضاف: «مجرد إرسال الأسلحة أو الأموال إلى الأوكرانيين لن يؤدي إلى كسب الحرب ضد روسيا وبوتين».
في هذا الوقت كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن تلميح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأسابيع الأخيرة، على انفتاحه لإجراء مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، يقوم على شروطه، مستغلاً ما عدته تعثراً في الزخم العسكري لكييف.
بوتين لم يغير شروطه
وأضافت الصحيفة أن الخطوط العريضة للمفاوضات التي يريدها بوتين، هي على الأرجح ما ورد في مسودة وثيقة السلام التي صاغها المفاوضون الروس والأوكرانيون في أبريل (نيسان) 2022، بعد نحو 6 أسابيع من بدء الحرب. ويقول المسؤولون والمحللون الغربيون إن هذه الأهداف لم تتغير إلى حد كبير بعد عامين من القتال: تحويل أوكرانيا إلى دولة محايدة معرضة بشكل دائم للعدوان العسكري الروسي.
وتوضح الوثيقة، التي لم تنشر رسمياً، كيف سعى المفاوضون من الجانبين إلى إنهاء القتال من خلال الاتفاق على تحويل أوكرانيا إلى «دولة محايدة بشكل دائم لا تشارك في كتل عسكرية»، وممنوعة من إعادة بناء جيشها بدعم غربي، وترك شبه جزيرة القرم تحت السيطرة الروسية الفعلية. لكن، ومع استمرار القتال، لم يجر التوصل إلى أي صفقة بين الجانبين، وتحسنت حظوظ أوكرانيا العسكرية، بعدما ضخ الغرب الأسلحة لدعم كييف.
اليوم، وبعد عامين من القتال، وتصلب الرأي العام الأوكراني تجاه أي نوع من اتفاقات السلام، تقول أوكرانيا إنها لن تبدأ محادثات السلام حتى تسحب روسيا قواتها. وحذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من أن أي وقف للأعمال الحربية سيسمح ببساطة لروسيا بإعادة تسليح نفسها لمهاجمة بلاده بشكل أفضل في المستقبل. ويقول محللون إن النصر العسكري لأي من الجانبين يبدو بعيد المنال بشكل كبير.
تنازلات كييف كانت عميقة
وتظهر الوثيقة التنازلات العميقة التي كان المفاوضون من الجانب الأوكراني يدرسونها، بينما كانت كييف تكافح في الأسابيع الأولى من الحرب. كما أنه بمثابة تذكير بالتسويات التي قد تحاول روسيا إجبار أوكرانيا على قبولها إذا نضب الدعم العسكري الغربي، وحققت روسيا مكاسب إقليمية كبيرة.
وتنص مسودة المعاهدة على أنه على الرغم من السماح لأوكرانيا بالسعي للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي، فلن يُسمح لها بالانضمام إلى تحالفات عسكرية مثل منظمة حلف شمال الأطلسي. ولن يُسمح بوجود أسلحة أجنبية على الأراضي الأوكرانية. وسيجري تقليص حجم الجيش الأوكراني، في ظل سعي روسيا إلى الحد من كل شيء، من عدد القوات والدبابات إلى أقصى مدى لإطلاق الصواريخ الأوكرانية. ووفق الوثيقة، كانت شبه جزيرة القرم، التي تحتلها روسيا بالفعل، ستظل تحت نفوذ موسكو ولن تعد محايدة. ودفعت موسكو أيضاً من أجل أن اعتماد اللغة الروسية على قدم المساواة مع اللغة الأوكرانية في الحكومة والمحاكم، وهو بند لم توافق عليه كييف. كما لم تجرِ الإشارة إلى مستقبل منطقة شرق أوكرانيا التي غزتها روسيا، واحتلتها سراً في عام 2014، حيث ترك لبوتين وزيلينسكي تقرير مصيرها في محادثات تكميلية مباشرة، لم تحصل.
وكان من المقرر أن تضمن المعاهدة القوى الأجنبية، المدرجة في الوثيقة على أنها تشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وفرنسا وروسيا. وسيجري تكليف تلك الدول بمسؤولية الدفاع عن حياد أوكرانيا في حالة انتهاك المعاهدة. ولكن بينما تظل المعاهدة سارية، سيُطلب من الضامنين «إنهاء المعاهدات والاتفاقيات الدولية، التي تتعارض مع الحياد الدائم لأوكرانيا»، بما في ذلك أي وعود بتقديم مساعدات عسكرية ثنائية. ولن تنطبق الضمانات الأمنية الدولية على شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول.