أخبار

مدير «سي آي إيه» يحذر من «الخطأ التاريخي» إذا تخلت واشنطن عن دعم أوكرانيا

لا يزال التمويل الطارئ بقيمة 106 مليارات دولار تقريبا، الذي طلبته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بما في ذلك نحو 61 مليار دولار لأوكرانيا، عالقا في أروقة الكونغرس الأميركي. ومع إصرار الجمهوريين المؤيدين للرئيس السابق دونالد ترمب، على عدم تمريره، وخصوصا في مجلس النواب، رغم كل التنازلات التي يقدمها الديمقراطيون في ملف أمن الحدود، دخل تجميد المساعدات لأوكرانيا مرحلة «الخطر الشديد»، بحسب تقييمات صدرت أخيرا عن كبار مسؤولي إدارة بايدن.

خطأ بأبعاد تاريخية

وبعد تحذيرات وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، من أن الحرب الدفاعية التي تخوضها أوكرانيا ضد روسيا معرضة للخطر، دون جولة جديدة من المساعدات التي يجب أن يوافق عليها الكونغرس، قال مدير المخابرات المركزية الأميركية (سي آي إيه) وليام بيرنز، في تقييم جديد، إنه سيكون من الخطأ مع «أبعاد تاريخية»، أن تتخلى الولايات المتحدة عن دعمها لكييف التي تقترب حربها مع روسيا من إنهاء عامها الثاني.

ومع ربط التصويت في الكونغرس على مساعدات جديدة لأوكرانيا، بتشريع لتشديد الرقابة على الهجرة على الحدود، بدا أن «تفاصيل» الاتفاق الذي يروج له الديمقراطيون والجمهوريون، لم يتم حلها بعد. وتحولت قضية الهجرة، إلى إحدى أهم القضايا الانتخابية التي يحرض عليها الجمهوريون المؤيدون لترمب ناخبيهم، في هذه السنة الانتخابية، ما ترك تمرير المساعدات لأوكرانيا موضع شك.

لكن بيرنز قال في مقال نشر الثلاثاء في مجلة «فورين أفيرز» إن «الحفاظ على تدفق الأسلحة سيضع أوكرانيا في موقف أقوى إذا سنحت فرصة لإجراء مفاوضات جادة» لإنهاء الحرب. وفي تطور لافت حول أساليب الحرب والأهداف التي حض على اعتمادها في المرحلة المقبلة، دعا بيرنز أوكرانيا إلى «ضرب عمق أكبر في الأراضي التي تسيطر عليها روسيا». وهو ما عد تمهيدا لتخلي إدارة بايدن عن تحفظاتها على تسليم كييف أسلحة صاروخية جديدة بعيدة المدى، كانت ترفض حتى الآن تسليمها لها، تجنبا لاستهداف عمق الأراضي الروسية، بعدما سقط عمليا، مع تكرار الهجمات الأوكرانية التي باتت تستهدف الكثير من الأراضي الروسية.

وقال بيرنز إن تقديم المساعدات، «يوفر فرصة لضمان فوز طويل الأمد لأوكرانيا وخسارة استراتيجية لروسيا». وأضاف: «بأقل من 5% من ميزانية الدفاع الأميركية، يعد هذا استثمارا متواضعا نسبيا له عوائد جيوسياسية كبيرة»، عادّا غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 «حماقة بوتين».

يذكر أن بيرنز قام شخصيا بزيارة روسيا قبل غزوها لأوكرانيا، والتقى مرارا الرئيس الروسي بوتين، وخاض معه مناقشات طويلة، لثنيه عن تنفيذ هجومه، من دون نجاح يذكر.

بوتين يراهن على الوقت

وقال بيرنز: «لقد قُتل أو جُرح ما لا يقل عن 315 ألف جندي روسي، وتم تدمير ثلثي مخزون الدبابات الروسية قبل الحرب، وتم إفراغ برنامج التحديث العسكري الذي تباهى به بوتين والذي استمر لعقود من الزمن». ومع ذلك، قال بيرنز إنه من غير المرجح أن يتراجع بوتين عن هجومه. وأضاف: «من الخطأ دائما التقليل من هوسه بالسيطرة على أوكرانيا… من دون تلك السيطرة، فهو يعتقد أنه من المستحيل أن تصبح روسيا قوة عظمى أو أن يكون زعيما روسيا عظيما». وقال إن الحرب «تؤدي بهدوء إلى تآكل قوته في الداخل»، لكنه أضاف أنه «لا يزال يراهن على أن الوقت في صفه، وأنه يستطيع سحق أوكرانيا وإرهاق مؤيديها الغربيين». وقال بيرنز: «التحدي الذي تواجهه أوكرانيا هو تحطيم غطرسة بوتين وإظهار التكلفة الباهظة التي تتحملها روسيا… ليس فقط من خلال إحراز تقدم على الخطوط الأمامية، ولكن أيضا من خلال شن ضربات أعمق خلفها».

هذا وأطلع كبار مسؤولي أجهزة المخابرات الأميركية، أعضاء لجنة المخابرات بمجلس النواب، على أحدث تقييماتهم للحرب في أوكرانيا، وإسرائيل والشرق الأوسط عموما، في جلسة استماع عقدت الثلاثاء. وحضر الجلسة إضافة لبيرنز، مديرة المخابرات الوطنية، أفريل هاينز، ورئيس مجلس النواب مايك جونسون، وزعيم الأقلية الديمقراطية، حكيم جيفريز، ورئيسة المؤتمر الجمهوري النائبة إليز ستيفانيك. ورغم أن الجلسة ركزت على هجوم الطائرة المسيرة على القاعدة الأميركية في الأردن، الذي أودى بحياة 3 جنود وأصاب أكثر من 40 آخرين، فإن ملف أوكرانيا حظي باهتمام خاص أيضا، بحسب الإعلام الأميركي.

ويصر الجمهوريون المحافظون، وعلى رأسهم جونسون، على ربط أي تمويل لأوكرانيا بتشريع أمن الحدود، على الرغم من إعلان اللجنة المكلفة من الحزبين، أنها تضع اللمسات النهائية على الاتفاق. لكن المحافظين ينتقدون الاتفاق الوشيك، قائلين إن تفاصيله المعلنة لا تذهب إلى حد كاف لمعالجة الوضع على الحدود الجنوبية. كما حض الرئيس السابق ترمب، الجمهوريين على رفض أي تسوية، ما لم يحصلوا على كل ما يريدون في المفاوضات، ما يضغط على الجمهوريين لنسف الاتفاق.

وكتب ترمب في وقت سابق على منصته «تروث سوشال» قائلا: «لا أعتقد أننا يجب أن نبرم صفقة حدودية، على الإطلاق، ما لم نحصل على كل ما نحتاجه لوقف غزو الملايين والملايين من الناس».