أخبار

بايدن لا يستجيب لضغوط يساريي حزبه لـ«وقف النار» في غزة

على الرغم من تأجيل تنفيذ اتفاق «الهدنة الإنسانية» بين إسرائيل وحماس، ليوم واحد، والذي لعبت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن دوراً أساسياً في التوصل إليه، بدا أن تقدميي «الحزب الديمقراطي» لن يتراجعوا عن حض الرئيس على تطوير الاتفاق نحو «وقف إطلاق النار».

ورغم أن كثيراً من المراقبين عدّوا هذا «الاختراق الدبلوماسي» وقفة ضرورية تحتاج إليها إدارة بايدن لتهدئ حملة الضغوط والاعتراضات الداخلية والخارجية، فإن كل التعبيرات المستخدمة في صياغة عبارات الاتفاق وما بعده تشير إلى أن المضمر ليس خلافاً لغوياً، بل هو خلاف سياسي حول نيات واشنطن تجاه وضع غزة، حتى إن هناك غالبية ديمقراطية تعارض وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس»، وتدعم إنهاء «الستاتيكو» القائم بين الطرفين، حيث تتكرر المواجهات والعمليات الحربية وتدمير القطاع بوتيرة ثابتة، وتدعم مساعي إنهاء سيطرة «حماس» على قطاع غزة.

غير أن التقدميين يسعون إلى محاولة إقناع مزيد من زملائهم الديمقراطيين بالانحياز إلى «حل عادل» للفلسطينيين، و«ضمان الأمن» لإسرائيل، على حد ما كتبه السيناتور بيرني ساندرز، في مقالة رأي، يوم الأربعاء، في صحيفة «نيويورك تايمز»، بعد الإعلان عن اتفاق الهدنة.

ورغم أن عدداً من النواب المحسوبين على التيار التقدمي أدانوا سياسات بايدن وطالبوه، منذ أسابيع، بفرض وقف لإطلاق النار، لكن بايدن وكبار مساعديه ما زالوا متمسكين بوجهة نظر تدعم قيام الجيش الإسرائيلي باجتثاث «حماس» من غزة، وأن الطريقة الوحيدة لتحسين الوضع القائم فيه هو وقف القتال لإتمام صفقة الرهائن بأمان وعودتهم إلى الوطن، وإدخال المساعدات الإنسانية للفلسطينيين.

اختلاف موقف

وفي حين يتبنى التقدميون مصطلح «وقف إطلاق النار» إلى أجل غير مسمى، تتحدث إدارة بايدن عن «توقف مؤقت للأعمال العدائية»، وهو ما يشير إلى أن الاختلاف ليس في التعبير، بل في الموقف السياسي من الحرب. ورغم أن بعض الديمقراطيين يهددون بوضع ضوابط على المساعدات العسكرية لإسرائيل، ويستعدّون لمناقشة المساعدة العسكرية لها، بعد عطلة الأعياد، فإن إدارة بايدن تبدو مطمئنة من تمرير حزمة المساعدة بقيمة 14 مليار دولار، وسط إجماع ديمقراطي وجمهوري. غير أن هذا «الانقسام» قد يتسبب للرئيس، الذي يسعى إلى الحفاظ على وحدة «الحزب الديمقراطي» لإعادة انتخابه، العام المقبل، بمشكلات حقيقية، فيما الشكوك بقدرته الجسدية والعقلية تضغط على أرقام استطلاعات الرأي.

ونقلت صحيفة «بوليتيكو» عن سيناتور ديمقراطي في «مجلس الشيوخ» قوله إن التقدميين لا يبدو أنهم سيتراجعون عن أولوياتهم بشأن إسرائيل وغزة، كما أن عدداً من نواب هذا التيار ينسبون الفضل في التوصل لاتفاق الهدنة الإنسانية، إلى جهودهم وضغوطهم.

وقالت النائبة الديمقراطية، أيانا بريسلي، على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الفضل في هذا يعود إلى «قوة الدبلوماسية»، و«مناصرتنا الجماعية». وأضافت: «يجب أن نستمر في الضغط من أجل وقف دائم لإطلاق النار الآن؛ لإنقاذ الأرواح، وإعادة جميع الرهائن، وإنهاء هذا العنف المروّع».

وقال «ديمقراطيو العدالة التقدميون»، وهم جماعة ضغط كبيرة في «الحزب الديمقراطي»، إنه من أجل تحقيق السلام، يجب على واشنطن إنهاء «دعمها السياسي والمالي غير المشروط لحكومة يمينية متطرفة»، بما في ذلك المساعدة العسكرية المقترحة من بايدن بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل. وقالت المديرة التنفيذية، ألكسندرا روخاس، إن الضغط من أجل وقف إطلاق النار أدى إلى إعلان الاتفاق، يوم الثلاثاء.

إنهاء دور «حماس»

في المقابل، قال ديمقراطيون آخرون إن الاتفاق يؤكد إحجام بايدن عن الضغط على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار. وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بـ«مجلس الشيوخ»، بن كاردين، إن وقف إطلاق النار يفيد «حماس»، لكن الهدنة مفيدة لحل محنة الرهائن وعودتهم إلى عائلاتهم، داعياً «حماس» إلى إطلاق سراح جميع الأسرى لديها.

وقال كاردين: «إن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه لإطلاق سراح بعض الرهائن، هو إشارة أمل لبعض العائلات الأميركية والإسرائيلية التي تحطمت حياتها في أعقاب الهجوم الإرهابي الذي وقع في 7 أكتوبر (تشرين الأول) ضد إسرائيل». وقالت النائبة ديبي شولتز: «أنا ممتنة أيضاً أن بايدن لم يستجب للدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار قبل أسابيع؛ لأن إسرائيل لم تكن لتتمكن من تحقيق هذا الاختراق لو حدث ذلك. إن وقف إطلاق النار من جانب واحد لا يخدم سوى إرهابيي (حماس)، الذين انتهكوا وقف إطلاق النار، في السابع من أكتوبر، وتعهدوا بالقيام بذلك مراراً».

بعض الديمقراطيين استخدم لغة مختلطة، بين الدعوة إلى وقف دائم لإطلاق النار، واشتراط تطبيق الأهداف التي وضعتها إدارة بايدن. وقال السيناتور جيف ميركلي، في بيان: «آملُ أيضاً أن يوفر وقف القتال المؤقت التفاوض على تمديده، والعمل على وقف دائم لإطلاق النار»، لكنه أضاف أنه، قبل التوصل إلى وقف أطول لإطلاق النار، «لا بد من حل عدد من التحديات»، وتشمل إطلاق سراح جميع الرهائن الذين احتجزتهم «حماس»، وإنهاء سيطرتها على غزة، وتدفق المساعدات بكميات كبيرة، والتزام إسرائيل بحق الفلسطينيين في غزة في العودة إلى ديارهم.