أخبار
خبير أميركي: على واشنطن تحديد هدف واضح لدعمها لأوكرانيا
منذ أن بدأت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في عام 2022، قدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها مستويات تاريخية من الدعم لكييف، وفُرضت أكبر شبكة عقوبات على الإطلاق تم فرضها على أي دولة، وحُشد المجتمع الدولي لمعارضة عدوان «الكرملين» في الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية. ومع ذلك، فإنه رغم القوة الجديرة بالثناء لهذه الاستجابة، تسعى الولايات المتحدة جاهدة حتى الآن لتحديد الهدف العام لدعمها كييف بوضوح.
منذ أن بدأت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في عام 2022، قدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها مستويات تاريخية من الدعم لكييف، وفُرضت أكبر شبكة عقوبات على الإطلاق تم فرضها على أي دولة، وحُشد المجتمع الدولي لمعارضة عدوان «الكرملين» في الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية. ومع ذلك، فإنه رغم القوة الجديرة بالثناء لهذه الاستجابة، تسعى الولايات المتحدة جاهدة حتى الآن لتحديد الهدف العام لدعمها كييف بوضوح.
وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 1979، عندما بدأ غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان، وقيامه بتنصيب حاكم شيوعي في كابل، أمر الرئيس جيمي كارتر بتقديم دعم عسكري للمتمردين الأفغان، وطالب بأن يسحب «الكرملين» كل قواته من أفغانستان. وطوال عقد الثمانينات، وسَّع الرئيس رونالد ريغان الدعم العسكري، وتعهَّد كثيراً بالتزام الولايات المتحدة بمعارضة العدوان السوفياتي حتى اكتمال انسحاب القوات السوفياتية.
وأشار كالانداروف إلى أنه حتى في فبراير (شباط) 1989، وبينما كان آخر الجنود السوفيات يغادرون أفغانستان، رفض الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الالتزام بإنهاء الدعم الأميركي للمتمردين الأفغان الذين عارضوا الحكومة المدعومة من السوفيات. ورغم الظروف العالمية والسياسية الخارجية المختلفة، أكد الرؤساء كارتر وريغان وبوش بثبات أن الدعم الأميركي سوف يستمر إلى أن يغادر كل الجنود الروس أفغانستان. وقد أقنعت هذه الاستراتيجية في نهاية المطاف القيادة السوفياتية بأن وضعها في أفغانستان لا يمكن الدفاع عنه.
وعدّ كالانداروف أن الوضوح الذي تميزت به السياسة الأميركية إزاء الغزو السوفياتي لأفغانستان، لم يظهر في النهج الحالي إزاء روسيا. وعلى مدار العامين الماضيين، قدم وزراء الحكومة الأميركية أهدافاً غامضة ومتغيرة لسياستهم. في أبريل (نيسان) 2022، قال وزير الدفاع لويد أوستن إن هدف أميركا هو تحقيق أوكرانيا للنصر، ومنع روسيا من القيام بأي عمليات غزو جديدة. في المقابل، في مايو (أيار) 2022، حدد الرئيس الأميركي جو بايدن، في مقال رأي بصحيفة «نيويورك تايمز»، هدف السياسة الأميركية بأنه العمل على ضمان قدرة أوكرانيا على «ردع أي عدوان جديد والدفاع عن نفسها ضده».
وعلى النقيض من هذه التصريحات، فإنه عندما سُئِل وزير الخارجية الأميركي الأسبق جورج شولتز في عام 1985 عن إمكانية التوصل إلى تسوية من خلال التفاوض لغزو أفغانستان، أكد بشكل حاسم: «الشيء الأساسي هو التعامل مع مشكلة القوات السوفياتية في أفغانستان وانسحابها. هذا هو الأساس». وبعد 3 أعوام، وفي إطار اتفاقية الانسحاب التي تم التوصل إليها بوساطة الأمم المتحدة، أكد شولتز مجدداً أن الخروج السوفياتي «ضروري» لدعم الولايات المتحدة لتسوية سياسية. هذا المستوى من اتساق وثبات السياسة ضروري اليوم.
وكما هو الحال في العديد من الصراعات المسلحة، فإن وجود هدف جريء ومعلَن بوضوح لا يتطلب معرفة دقيقة لكيفية تحقق النتيجة النهائية المرغوبة.
وطول ثمانينات القرن الماضي، لم يتوقع المسؤولون الأميركيون أن يكمل الاتحاد السوفياتي انسحاباً منظماً من أفغانستان بحلول نهاية العقد، وما تبعه بعد أقل من 3 أعوام من انهيار الاتحاد السوفياتي.
منذ أن بدأت روسيا غزوها الشامل لأوكرانيا في عام 2022، قدمت الولايات المتحدة وحلفاؤها مستويات تاريخية من الدعم لكييف، وفُرضت أكبر شبكة عقوبات على الإطلاق تم فرضها على أي دولة، وحُشد المجتمع الدولي لمعارضة عدوان «الكرملين» في الأمم المتحدة وغيرها من الهيئات الدولية. ومع ذلك، فإنه رغم القوة الجديرة بالثناء لهذه الاستجابة، تسعى الولايات المتحدة جاهدة حتى الآن لتحديد الهدف العام لدعمها كييف بوضوح.
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء لقائهما في البيت الأبيض (أ.ب)
وفي تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يقول أرتور كالانداروف، الخبير والزميل في مجموعة كوهين للاستشارات الاستراتيجية، التي يرأسها وزير الدفاع الأميركي الأسبق ويليام كوهين، إنه رغم أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت على صواب، عندما قالت إن شروط وظروف أي مفاوضات يجب أن تحددها أوكرانيا، فإن الهدف الأساسي لدعم أميركا لأوكرانيا (الذي غالباً ما يعبّر عنه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وغيره من المسؤولين الأوكرانيين) يجب أن تحدده الولايات المتحدة لحلفائها وخصومها على السواء، وهو انسحاب القوات الروسية من كل الأراضي الأوكرانية المحتلة. إن ذكر هذا بوضوح وبشكل متكرر لن يكون خطوة غير مسبوقة.
الرئيس فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يتصافحان خلال اجتماعهما في روسيا (أ.ب)
خلال الغزو السوفياتي لأفغانستان (1989 – 1979)، كانت قوة الولايات المتحدة تتمثل في ثبات هدفها الرئيسي، عبر 3 إدارات رئاسية، وهو أنه يتعين على الاتحاد السوفياتي سحب قواته من كل الأراضي الأفغانية المحتلة.
وفي ديسمبر (كانون الأول) عام 1979، عندما بدأ غزو الاتحاد السوفياتي لأفغانستان، وقيامه بتنصيب حاكم شيوعي في كابل، أمر الرئيس جيمي كارتر بتقديم دعم عسكري للمتمردين الأفغان، وطالب بأن يسحب «الكرملين» كل قواته من أفغانستان. وطوال عقد الثمانينات، وسَّع الرئيس رونالد ريغان الدعم العسكري، وتعهَّد كثيراً بالتزام الولايات المتحدة بمعارضة العدوان السوفياتي حتى اكتمال انسحاب القوات السوفياتية.
وأشار كالانداروف إلى أنه حتى في فبراير (شباط) 1989، وبينما كان آخر الجنود السوفيات يغادرون أفغانستان، رفض الرئيس الأميركي آنذاك جورج بوش الالتزام بإنهاء الدعم الأميركي للمتمردين الأفغان الذين عارضوا الحكومة المدعومة من السوفيات. ورغم الظروف العالمية والسياسية الخارجية المختلفة، أكد الرؤساء كارتر وريغان وبوش بثبات أن الدعم الأميركي سوف يستمر إلى أن يغادر كل الجنود الروس أفغانستان. وقد أقنعت هذه الاستراتيجية في نهاية المطاف القيادة السوفياتية بأن وضعها في أفغانستان لا يمكن الدفاع عنه.
وعدّ كالانداروف أن الوضوح الذي تميزت به السياسة الأميركية إزاء الغزو السوفياتي لأفغانستان، لم يظهر في النهج الحالي إزاء روسيا. وعلى مدار العامين الماضيين، قدم وزراء الحكومة الأميركية أهدافاً غامضة ومتغيرة لسياستهم. في أبريل (نيسان) 2022، قال وزير الدفاع لويد أوستن إن هدف أميركا هو تحقيق أوكرانيا للنصر، ومنع روسيا من القيام بأي عمليات غزو جديدة. في المقابل، في مايو (أيار) 2022، حدد الرئيس الأميركي جو بايدن، في مقال رأي بصحيفة «نيويورك تايمز»، هدف السياسة الأميركية بأنه العمل على ضمان قدرة أوكرانيا على «ردع أي عدوان جديد والدفاع عن نفسها ضده».
وبعد عام، ظلَّت الأهداف الأساسية غير واضحة. في مارس (آذار) 2023، خلال القمة الثانية للديمقراطية، أعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن دعمه لصيغة زيلينسكي للسلام، التي تشمل انسحاب الجنود الروس من أراضي أوكرانيا، لكنه أكد في تصريحاته فقط أن السلام يجب أن يكون «عادلاً ودائماً».
في يونيو (حزيران) 2023، خلال كلمة طويلة في هلسنكي، جدد بلينكن تأكيد الدعم الأميركي لدفاع أوكرانيا عن سيادتها، وأشار إلى أن الدعم سيستمر «مهما طال الأمر»، لكنه لم يصل إلى حد التعبير بشكل مباشر عن دعم انتصار أوكرانيا.
زيلينسكي مع وزير الدفاع الأميركي (د.ب.أ)
وعلى النقيض من هذه التصريحات، فإنه عندما سُئِل وزير الخارجية الأميركي الأسبق جورج شولتز في عام 1985 عن إمكانية التوصل إلى تسوية من خلال التفاوض لغزو أفغانستان، أكد بشكل حاسم: «الشيء الأساسي هو التعامل مع مشكلة القوات السوفياتية في أفغانستان وانسحابها. هذا هو الأساس». وبعد 3 أعوام، وفي إطار اتفاقية الانسحاب التي تم التوصل إليها بوساطة الأمم المتحدة، أكد شولتز مجدداً أن الخروج السوفياتي «ضروري» لدعم الولايات المتحدة لتسوية سياسية. هذا المستوى من اتساق وثبات السياسة ضروري اليوم.
وكما هو الحال في العديد من الصراعات المسلحة، فإن وجود هدف جريء ومعلَن بوضوح لا يتطلب معرفة دقيقة لكيفية تحقق النتيجة النهائية المرغوبة.
وطول ثمانينات القرن الماضي، لم يتوقع المسؤولون الأميركيون أن يكمل الاتحاد السوفياتي انسحاباً منظماً من أفغانستان بحلول نهاية العقد، وما تبعه بعد أقل من 3 أعوام من انهيار الاتحاد السوفياتي.
وفي الواقع، حتى عندما شنَّت القوات السوفياتية هجمات ناجحة، وبدا أنه من الممكن القضاء على المقاومة الأفغانية، واصل المسؤولون الأميركيون المطالبة بانسحاب سوفياتي كامل، ودعم المحاربين الأفغان. اليوم، بعد الإعراب عن التزامهم بسيادة أوكرانيا، يجب أن يعلن المسؤولون الأميركيون أن النصر الأوكراني هو الهدف الرئيسي النهائي.
واختتم المحلل السياسي كالانداروف تقريره بالقول إنه من خلال التأكيد بوضوح أن وجود القوات الروسية داخل حدود أوكرانيا سيظل غير مقبول، ستنجح الولايات المتحدة في تحسين فهم التزامها إزاء أوكرانيا. ومن المأمول أن تقوم (بمرور الوقت) بزرع الشك في «الكرملين» بشأن احتمالات النجاح.
والأمر الحاسم هو أنه عندما يتم توضيح هدف السياسة، سيكون من الأسهل أن تتم معرفة ما إذا كانت أفعال الولايات المتحدة وحلفائها ترقى إلى الهدف الرئيسي الذي يسعون إلى تحقيقه.
الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أثناء لقائهما في البيت الأبيض (أ.ب)
وفي تقرير نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يقول أرتور كالانداروف، الخبير والزميل في مجموعة كوهين للاستشارات الاستراتيجية، التي يرأسها وزير الدفاع الأميركي الأسبق ويليام كوهين، إنه رغم أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كانت على صواب، عندما قالت إن شروط وظروف أي مفاوضات يجب أن تحددها أوكرانيا، فإن الهدف الأساسي لدعم أميركا لأوكرانيا (الذي غالباً ما يعبّر عنه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وغيره من المسؤولين الأوكرانيين) يجب أن تحدده الولايات المتحدة لحلفائها وخصومها على السواء، وهو انسحاب القوات الروسية من كل الأراضي الأوكرانية المحتلة. إن ذكر هذا بوضوح وبشكل متكرر لن يكون خطوة غير مسبوقة.