أخبار
هنري ووستر لم نعطِ إسرائيل شيكاً على بياض لتدمير غزة
أكد نائب مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشرق الأدنى، السفير هنري ووستر، في حديث خاص مع «الشرق الأوسط»، تأييد بلاده لـ«هدنات إنسانية» من أجل توصيل المساعدات الإنسانية إلى أكثر من مليونين من الفلسطينيين المدنيين في غزة، رافضاً في الوقت ذاته منح «حماس» أي فرصة لتبقى «قائمة كمنظمة إرهابية مسلحة وتواصل شن هجمات إرهابية» ضد إسرائيل.
وكان ووستر، وهو دبلوماسي أميركي كبير متمرس يتحدر جزئياً من أصول عراقية وعمل طويلاً في الشرق الأوسط، يتحدث في ما بدا أنه حملة دعائية تقوم بها إدارة الرئيس جو بايدن لتوضيح جوانب من سياساتها ومواقفها المتعلقة بالحرب، فأكد أن المسؤولين الأميركيين يتفهمون آلام الناس ومعاناتهم بسبب سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، وهم لا يمنحون إسرائيل «شيكاً على بياض (…) لرمي كرة مدمرة على غزة بأكملها»، رافضاً بحدة ما سماه «التقسيم الزائف» في اتهام الولايات المتحدة بأنها «لا تقدر حياة الفلسطينيين، كما تفعل بالنسبة لحياة الإسرائيليين من البيض». وقال: «نحن لسنا كذلك على الإطلاق».
وبدبلوماسية حاذقة، اعتبر السفير ووستر أنه «من غير العادل» الإيحاء بأن الولايات المتحدة تقف على «الجانب الخاطئ من العدالة» في موقفها المنحاز بوضوح إلى جانب إسرائيل. لكنه شدد على أن المسؤولين الأميركيين يفعلون كل ما في وسعهم للحيلولة دون اتساع نطاق الحرب ولـ«إضعاف» الذين يسعون إلى ذلك.
وركّز على أن الهاجس الأهم حالياً هو «إبعاد الأذى عن الناس، وتوصيل المساعدات»، مشبهاً مقاربة «التطبيع والتكامل» في الشرق الأوسط بالخط «الذي اتبعناه في أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية»، متجنباً «أي تكهن» بشأن دور محتمل للأمم المتحدة في شأن السلام والتطبيع في الشرق الأوسط.
هنا نص الحوار…
* اسمحوا لي أن أبدأ بالقول إن الوزير بلينكن يقود الجهود الدبلوماسية الأميركية لإيصال رسالة مباشرة، مفادها أن الولايات المتحدة تريد الاستمرار في الدفاع عن إسرائيل، مع إرسال مزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين في غزة. لكنني أسمع كثيراً من الأصوات من العالم، ومن الأمم المتحدة، ومن المنطقة تطالب بوقف القتل. متى؟ وما نوع الهدنات الإنسانية التي يمكن أن تقبلها الولايات المتحدة؟
– ربما سمعت الرئيس يتحدث علناً بالأمس، أعتقد أنه كان في طريقه إلى مينيابوليس (ولاية مينيسوتا). وقال؛ نحن ندعم هدنات إنسانية. لكن الأمر لم يتطلب من الرئيس أن يقول إننا ندعم سلامة وكرامة الحياة البشرية منذ اللحظة التي بدأ فيها هذا النزاع. لكن الأحجية، إذا صح التعبير، هنا. وكثيراً ما نتلقى سؤالاً عن الهدنة الإنسانية ووقف إطلاق النار، ألا يعنيان الأمر نفسه؟ والجواب هو؛ لا. ثمة اختلاف هنا. وأود أن أتوقف للحظة، إذا كنت لا تمانع، لأشرح هذا الاختلاف. إن وقف إطلاق النار يهم كثيراً من الناس، خاصة أولئك الذين ربما لم يدرسوا بعض الفروق الدقيقة في التعابير الدبلوماسية. فكروا جيداً، ما خطبكم؟ لماذا لا تؤيدون وقف إطلاق النار؟ قلقنا من وقف إطلاق النار لا يتعلق برغبتنا في إطالة أمد الحرب، أو برؤية مزيد من الضرر «يلحق» بإنسان بريء آخر، بصرف النظر عن خلفيته، سواء أكان فلسطينياً أم إسرائيلياً أم من دولة ثالثة. لكن ما يقلقنا هو أننا لا نستطيع تحمل العودة إلى الستاتيكو (السابق). وهذا يعني أن تبقى «حماس» قائمة كمنظمة إرهابية مسلحة وتواصل شن هجمات إرهابية. هذا ما لا يمكن أن يستمر. ولهذا السبب، لا نريد وقفاً لإطلاق النار، لأن ذلك سيسمح للمقاتلين بإعادة تجهيز وتسليح وتشكيل أنفسهم. هذا هو الاختلاف. ولكن الهدنة الإنسانية تسمح بفترة زمنية مؤقتة، إذا صح التعبير، لوقف النار، تسمح بتوصيل المساعدات الإنسانية من الأدوية والمياه، وبخروج الناس – إن شاء الله – من هناك. نحن بالمطلق مع ذلك. هذا هو الاختلاف الذي أردتكم التأكد منه.
لا تسامح مع «حماس»
* لكن في الوقت نفسه، هناك عمليات قتل. هل الولايات المتحدة مستعدة للدعوة إلى وقف قتل المدنيين بالآلاف؟ وأيضاً، تقول إنكم لا تريدون العودة إلى ما كنا عليه قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولكن البعض يحذروننا اليوم من أن ما يحصل على الأرض سيؤدي إلى تقوية «حماس» والمنظمات الإرهابية الأخرى، أو ما شئت من التسميات الأخرى، وسيبقى أيضاً من غفران لأجيال. ماذا تقول؟
– مهما قيل، أود أن أكرر ما قلناه لإسرائيل، وما سمعتموه من التصريحات العلنية التي ذكرتموها، أقصد الوزير بلينكن. وهذه نقطة نؤكدها مراراً وتكراراً، أن كل فاعل سيادي، وكل إنسان له الحق في الدفاع عن نفسه. وهذا حق أساسي أصيل. لكن في الوقت نفسه لا يوجد شيك على بياض بشأن كيفية إدارة الحرب. لذا، هناك تمييز، وهذا لا ينبغي أن يُفهم على أنه تفويض مطلق بأن تفعل كل ما تفعله، وأنه مجرد كرة مدمرة ترميها على غزة بأكملها. هذا ليس موقفنا. مرة أخرى، موقفنا هو أن «حماس» لا يمكنها الاستمرار، ولا يمكنك أن تطلب من دولة أن تتسامح مع ذلك. ليست «حماس» باعتبارها «حماس»، ففي هذه الحالة الأمر يخص إسرائيل، لكن لا يمكنك ذلك لأنك لن تطلب من الولايات المتحدة أن تقول؛ حسناً، دعونا نجعل «داعش» على حدودكم. لن نتسامح مع ذلك. نحن فقط لن نفعل ذلك. ولكن مرة أخرى، كيف؟ وماذا نفعل حيال ذلك؟ لقد أجرينا هذه المحادثات. لقد كنا علنيين للغاية بشأن هذا الموقف في ما يتعلق بسياستنا الخارجية.
المصدر:الشرق الأوسط