أخبار
خيانات الحلفاء تضع ترمب في مهب القضاء
يوماً بعد يوم، تزداد المشاكل القضائية التي تواجه الرئيس السابق، دونالد ترمب، بعد تخلي كثير من أقرب أصدقائه وحلفائه ومساعديه عنه، ومع دعاوى قضائية رفعتها منظمة «مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق» في ولاية كولورادو تطالب باستبعاد اسمه من ورقة الاقتراع بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، بسبب دوره في تحريض أنصاره للهجوم على مبنى الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021، ودعوى أخرى مشابهة في محكمة ولاية مينيسوتا لشطب اسم ترمب من ورقة الاقتراع بالولاية، اعتماداً على القسم الثالث من التعديل الرابع عشر في الدستور الأميركي، الذي ينص على عدم أهلية أي شخص لشغل منصب عام إذا شارك في تمرد أو عصيان. ومن المتوقع أن تتجه القضيتان في نهاية المطاف بالوصول إلى المحكمة الدستورية العليا.
وخلال الأسبوع الماضي، ازدادت الضربات الموجعة التي واجهها ترمب، ما بين تخلي حلفائه عنه، وعقد صفقات إقرار بالذنب وصفقات للحصول على حصانة قانونية، واتهامات الاحتيال والغرامات التي تهدد إمبراطوريته المالية، وما ستكشف عنه الأيام المقبلة من تعقيدات قانونية.
شهادة إيفانكا ترمب
ستجذب شهادة إيفانكا ترمب، في 8 و9 نوفمبر، بهذه المحاكمة في نيويورك، كثيراً من الأضواء، وسط سؤال عما إذا كانت إيفانكا، بصفتها نائبة الرئيس التنفيذي في إمبراطورية والدها، ستحاول النجاة بنفسها، وتشهد ضده أم لا. وقد لاحظت جويس فانس، الخبيرة القانونية، أن ترمب يبدو منزعجاً جداً بشأن شهادة إيفانكا.
وفي الشهور المقبلة سيواجه الرئيس السابق 7 قضايا كبرى، في 6 محاكم، بـ4 مدن أميركية. ويبدو أن الأمور تنتقل معه من سيئ إلى أسوأ.
وشكلت ديناميكية الولاء المتغيرة محور الأحداث الدرامية خلال الأسبوع الماضي. فقد جلس الرئيس السابق عابس الوجه في المحكمة بمدينة نيويورك، التي تنظر في اتهامات له ولأبنائه وكبار المسؤولين التنفيذيين بمنظمته، بالقيام بتضخيم قيمة العقارات للحصول على قروض ومزايا ضريبية. وبدا الغضب على وجه ترمب بينما كان محاميه وصديقه السابق، مايكل كوهين، يشهد ضده في مجموعة من الجرائم المالية والاحتيال وتضخيم الأصول المالية لمنظمة ترمب.
وكثيراً ما سبب حرص ترمب على جذب الكاميرات إليه، المشاكل في قاعات المحكمة. فقد تسببت انتقاداته للمدعين العامين والقضاة بدفع القاضي، آرثر إنغورون، في نيويورك، لإصدار حكم بتغريمه 10 آلاف دولار للمرة الثانية بعد انتهاكه أمر النشر الذي أصدره، وبسبب تصريحاته التي عدّها القاضي مسيئة ضد فريق وموظفي المحكمة. وحذر القاضي من أن ارتكاب انتهاكات أخرى سيؤدي إلى عقوبات أشد، وقد تحتمل عقوبة السجن. وقد غادر ترمب المحكمة يوم الخميس الماضي، غاضباً، بعد أن رفض القاضي طلب محامي الدفاع بإصدار حكم لصالحه.
وفي 4 تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، يوم الخميس، وصف ترمب القاضي إنغورون بأنه «مستبد ومضطرب» و«كاره لترمب» و«متحيز»، و«يجب أن يخجل من نفسه بسبب تعامله مع القضية». وصب ترمب جام غضبه على محاميه السابق، مايكل كوهين، والمدعية العامة في نيويورك، ليتيشا جيمس.
القفز من السفينة الغارقة
ربما تكون أكثر الضربات ألماً وخطراً للرئيس السابق، هي إقدام مارك ميدوز على إبرام صفقة مع المحامي الخاص، جاك سميث، في قضية التدخل بالانتخابات، والتي وافق بموجبها رئيس طاقم الموظفين بالبيت الأبيض في إدارة ترمب، على الشهادة ضد رئيسه السابق أمام هيئة محلفين كبرى مقابل الحصول على الحصانة.
وتسربت أنباء أن ميدوز أخبر المدعين العامين بأنه أبلغ ترمب بأن مزاعمه بشأن تزوير انتخابات عام 2020، لا أساس لها من الصحة.
ويعد مارك ميدوز لاعباً رئيسياً في محاولات ترمب للترويج لادعاء تزوير الانتخابات، وكان أقرب حلفائه إليه في الفترة التي سبقت الهجوم على الكابيتول في 6 يناير (كانون الثاني) 2021.
وبموجب الصفقة، يحصل ميدوز على حصانة قانونية، بمعنى أن ما سيقوله في شهادته أمام هيئة المحلفين لن يستخدم ضده في أي محاكمة أخرى، وهو ما يشمل المحاكمة في ولاية جورجيا أيضاً. ويمكن أن تكون الحصانة جزءاً من صفقة الإقرار بالذنب، وبالتالي تجنبه أحكاماً قاسية إذا قام ميدوز بالتعاون.
ورأى المدعي العام الأميركي السابق، نيل كاتيال، أن صفقة ميدوز «من الممكن أن تدمر ترمب».
وقد أزعج هذا الرئيس ترمب، الذي لجأ إلى موقع «سوشيال تروث» ليهاجم ويهدد صديقه ومخزن أسراره، مارك ميدوز، ويتهمه بالكذب والتعاون مع وزارة العدل ضده. وأطلق ترمب سهام انتقاداته للمحقق الخاص جاك سميث، والقاضية تانيا تشوتكان التي أمرت بحظر النشر في القضية التي يواجه فيها ترمب اتهامات بتحريض مناصريه على اقتحام مبنى الكابيتول واتهامات بالتآمر لقلب نتيجة الانتخابات لعام 2020.
اختبار الولاء
الخيانة التي ضربت ترمب جاءت من أقرب الحلفاء والأصدقاء. فقد تخلى 4 من أقرب الحلفاء عنه في قضية الابتزاز ومحاولة قلب نتائج الانتخابات في ولاية جورجيا. ففي يوم الثلاثاء الماضي، أقرت جينا اليس، محامية ترمب السابقة، بالذنب أمام المحكمة، لتكون رابع شخص يعترف بالذنب، مقابل صفقة تتجنب بها أحكاماً قاسية قد تشمل السجن.
وقبلها بأيام، اعترف 3 من حلفاء ترمب، وهم: المحامي كنيث تشيسيبرو، والمحامية سيدني باول، ورجل الأعمال سكوت هول، بالذنب في القضية نفسها. وحصل المتهمون الأربعة على صفقات تشمل أحكاماً بالمراقبة لعدد من السنوات، ودفع غرامة مالية صغيرة، لكن سيكون عليهم الإدلاء بشهادتهم في جلسات المحاكمات المستقبلية.
وشكل هذا الإقرار الرابع بالذنب ضربة موجعة لترمب، وقلل من فرص الدفاع عنه، وزاد الأخطار القانونية عليه، كما أدى إلى ازدياد الضغوط على المتهمين الآخرين في القضية، لعقد صفقة إقرار بالذنب، والحصول على أحكام مخففة والنجاة من أحكام قاسية تشكل أحكاماً بالسجن. وأثارت هذه الإقرارات بالذنب أسئلة وجدلاً واسعاً حول من سيكون التالي في الانقلاب على ترمب، والقفز من قاربه الذي يوشك على الغرق في مواجهة كل هذه الأعاصير القانونية.
ويواجه 14 متهماً آخر خياراً صعباً، بين التمسك بالبراءة ومواجهة محاكمة طويلة ومعقدة ومكلفة مالية، أو القبول بصفقة إقرار بالذنب تدمر كل الادعاءات السابقة بالبراءة وتقتل سمعتهم، وتضع كل المسؤولية وكل الإدانة على عاتق رأس الهرم: الرئيس ترمب.
13 تهمة
يواجه الرئيس السابق، المرشح الجمهوري الأبرز، 13 تهمة أمام محكمة ولاية جورجيا، أبرزها تهم التآمر والابتزاز وإدارة مخطط إجرامي وارتكاب عدد من الجرائم لتقديم وثائق مزورة، سعياً لقلب نتيجة الانتخابات في الولاية.
ويُحاكم ترمب وبقية المتهمين بموجب قانون ريكو، وهو قانون أقر في ولاية جورجيا لمواجهة عصابات المخدرات والعصابات المنظمة، ويسمح بربط جرائم مختلفة ارتكبها المتهمون خارج نطاق الولاية لتحقيق أهداف إجرامية. ويتطلب هذا القانون من المدعين إثبات وجود شكل مؤسسي ونمط نشاط ابتزاز بشكل واضح.
ووجهت مقاطعة فولتون، في ولاية جورجيا، اتهامات إلى ترمب و18 شخصاً من حلفائه ومحاميه ومساعديه، بالانخراط في مشروع إجرامي لقلب نتيجة الانتخابات الرئاسية في الولاية، التي جاءت لصالح جو بايدن. وهي القضية التي أثارت ضجة كبيرة في أغسطس (آب) الماضي، مع اضطرار ترمب إلى الذهاب لسجن المقاطعة، والتقاط صورة جنائية له. ودفع ترمب ببراءته في جميع التهم، ونفى ارتكاب أي مخالفات. ونفى حلفاء ترمب ومن أبرزهم المحامي الشهير رودي جولياني، عمدة مدينة نيويورك السابق، ومارك ميدوز كبير موظفي البيت الأبيض السابق، والمحامي جون إيستمان كل التهم.
ومن المرجح أن تكون صفقات الإقرار بالذنب للمتهمين الآخرين، مثل جولياني وميدوز وإيستمان ضارة جداً لتاريخهم الطويل في العمل السياسي والقانوني، والتصريحات المتكررة التي أصدروها حول الإصرار على تزوير الانتخابات.