وكان الاقتصاد الأمريكي قد سجل، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام، انكماشا بمعدل سنوي بلغت نسبته 1.6 في المئة، وفي ذلك الوقت، أرجع خبراء الاقتصاد تراجع إجمالي الناتج المحلي إلى تفاوت في بيانات التجارة.
بيد أن تقرير يوم الخميس أظهر تباطؤا واضحا، ونموا مثقلا بسبب تراجع النشاط في سوق الإسكان والاستثمار التجاري والإنفاق الحكومي.
كما سجل الإنفاق الاستهلاكي نموا بمعدل سنوي أبطأ بلغت نسبته واحد في المئة، مع زيادة إنفاق المواطنين على الرعاية الصحية والإقامة وتناول الطعام بالخارج، وتقليص الإنفاق على السلع ومحلات البقالة.
وقال بايدن يوم الخميس: “انطلاقا من النمو الاقتصادي التاريخي العام الماضي، واستعادة جميع وظائف القطاع الخاص الضائعة خلال أزمة الوباء، ليس مثيرا للدهشة أن يتباطأ الاقتصاد مع اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي خطوات لخفض التضخم”.
وأضاف: “لكن على الرغم من أننا نواجه تحديات عالمية تاريخية، فإننا نسير على الطريق الصحيح وسنخرج من هذا التحول أقوى وأكثر أمانا”.
ويقول جيفري فرانكل، الأستاذ السابق في جامعة هارفارد وأحد المشاركين في اللجنة الوطنية للبحوث الاقتصادية، وهي مجموعة من الأكاديميين مكلفة بالإعلان الرسمي عن الركود، إنه لا يعتقد أن الركود بدأ في بداية العام، مشيرا إلى النمو القوي للوظائف.
وأضاف: “تباطأت الأمور بالفعل، لذلك أنا لا أقول أن كل شيء على ما يرام، احتمالات حدوث ركود في المستقبل أعلى بكثير من عام عشوائي”.
وبلغ معدل التضخم في الولايات المتحدة 9.1 في المئة في يونيو/حزيران، وهي أسرع وتيرة من حيث ارتفاع الأسعار منذ أكثر من أربعة عقود.
واستجاب البنك المركزي الأمريكي، يوم الأربعاء، للمشكلة برفع كبير غير معتاد لسعر الفائدة، وهي ثاني زيادة بمقدار 0.75 في المئة منذ أن بدأ رفع أسعار الفائدة في مارس/آذار.
ومن خلال زيادة تكاليف الاقتراض، يأمل الاحتياطي الفيدرالي في تقليل الإنفاق على عناصر مثل المنازل والسيارات، من الناحية النظرية لتخفيف بعض الضغوط التي تؤدي إلى زيادة الأسعار، بيد أن تراجع الطلب يعني أيضا تراجع النشاط الاقتصادي.
وأظهرت التقارير الأخيرة تراجع ثقة المستهلكين، وتباطؤ سوق الإسكان، وأول انكماش في النشاط التجاري منذ عام 2020.
كما تراجعت سوق الأسهم الأمريكية منذ بداية العام، وشركات عملاقة في قطاع وسائل التواصل الاجتماعي مثل شركة “ميتا”، مالكة فيسبوك وإنستغرام، وشركة صناعة السيارات “جنرال موتورز”، وجميعها تحدثت عن خطط تهدف إلى إبطاء التوظيف، كما أعلنت بعض الشركات الأخرى، وخاصة في قطاع العقارات، عن تقليص في الوظائف.
وقال جيروم بأول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، خلال الأسبوع الجاري إنه لا يعتقد أن الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود، لكنه أشار إلى أن بعض التباطؤ قد بدأ، وأنه من المحتمل أن يكون المزيد منه ضروريا لعودة التضخم إلى مستوياته الطبيعية.
وقالت لورا فيلدكامب، أستاذة المالية في كلية كولومبيا للأعمال: “المرة الأخيرة التي شهدنا فيها تضخما بهذا الارتفاع، كانت في ثمانينيات القرن الماضي، وكان ركودا عميقا جدا”، وأضافت أن السياسيين تعلموا من تلك التجربة، مما عزز الآمال في حدوث تباطؤ أكثر اعتدالا.
بيد أن التباطؤ في الصين وأوروبا، اللتين تضررتا بشدة من ارتفاع أسعار الطاقة بسبب غزو روسيا لأوكرانيا، يثير القلق، كما أن الولايات المتحدة ليست وحدها التي ترفع أسعار الفائدة.
وقال فرانكل: “هناك دول أخرى عديدة لديها مشاكل أكثر خطورة … ومن المرجح جدا أن تتضرر، وقد يمتد ذلك إلينا”.
وأضاف أنه من المهم النظر إلى عوامل مثل سوق العمل، بغية تحديد بداية الركود، مشيرا في ذات الوقت إلى أن بعض فترات الانكماش، لا يمكن وصفها بركود خلال فترتين ربع سنويتين متتاليتين، رغم فقدان العديد من الوظائف.
وغالبا يجري تحديث تقديرات الإنتاج في الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير مع إعلان المزيد من البيانات، حتى في المملكة المتحدة، هناك حالات من الركود يجري إعادة النظر بشأنها.
وقال فرانكل: “يعرف خبراء الاقتصاد الكلي أن الركود في الولايات المتحدة لا يتحدد تعريفه بقاعدة ميكانيكية، ولكن بالنظر إلى الاستقطاب السياسي، يوجد أشخاص سوف يتهكمون على ذلك ويفترضون الأسوأ”.
المصدر : bbc news