أخبار
بلينكن إلى الصين لترطيب العلاقات المتوترة بين العملاقين
يتوجه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الأربعاء، إلى الصين، التي تسعى بلاده إلى الحفاظ على علاقات متساوية معها رغم الخلافات الرئيسية بين البلدين العملاقين حول قضايا كثيرة تراوح من سعي واشنطن إلى وقف دعم بكين لموسكو في حرب أوكرانيا، وتمهيد إلى الطريق إلى السلام في الشرق الأوسط، والأزمة المتعلقة بتوريد المواد الأفيونية الاصطناعية، في ظل ازدياد المخاوف على الاستقرار العالمي.
وتواجه الولايات المتحدة والصين خلافات حادة على جبهات عدة، ومنها الحرب التي تخوضها روسيا في أوكرانيا، وما تسميه إدارة الرئيس جو بايدن «استفزازات» الصين حيال تايوان وفي بحر الصين الجنوبي، ومواقفها فيما يتعلق بكوريا الشمالية وهونغ كونغ، فضلاً عن سجل بكين في حقوق الإنسان واحتجازها مواطنين أميركيين، علماً أن البلدين يتنازعان أيضاً على قضايا تجارية يتوقع أن تزداد حدة بعد إعلان الرئيس بايدن تعريفات جديدة على واردات الصلب الصيني خلال الأسبوع الماضي.
وتُمثّل هذه رحلة تراجعاً إضافياً في التوتر السياسي والتجاري بين البلدين بعدما وصل إلى الذروة في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، خصوصاً أن الأخير تعهّد باتخاذ موقف متشدد إذا عاد إلى البيت الأبيض في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
قضايا كثيرة
وأفادت وزارة الخارجية الأميركية في إحاطة مع الصحافيين بأن بلينكن، في زيارته الثانية للصين في أقل من عام، سيسافر إلى شنغهاي وبكين ابتداءً من الأربعاء لعقد اجتماعات مدة 3 أيام مع كبار المسؤولين الصينيين، وبينهم وزير الخارجية وانغ يي. ويتوقع أيضاً إجراء محادثات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، رغم أن أياً من الطرفين لن يؤكد حصول مثل هذا الاجتماع إلا قبيل انعقاده. وأوضحت في بيان أن بلينكن «سيناقش مجموعة من القضايا الثنائية والإقليمية والعالمية»، بما في ذلك الشرق الأوسط والحرب في أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان. وسيتحدث أيضاً عن التقدم المحرز في «استئناف التعاون في مكافحة المخدرات، والاتصالات العسكرية، والذكاء الاصطناعي، وتعزيز العلاقات بين الشعبين»، فضلاً عن أنه سيؤكد من جديد مدى أهمية أن تقوم الولايات المتحدة والصين «بإدارة المنافسة بشكل مسؤول حتى في المجالات التي يختلف فيها البلدان»، طبقاً لما قاله الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميللر.
حرب أوكرانيا
وتأتي الرحلة بعد مكالمة هاتفية هذا الشهر بين بايدن وشي تعهدا فيها بإبقاء الاتصالات رفيعة المستوى مفتوحة، وهو أمر اتفقا عليه العام الماضي خلال قمة وجهاً لوجه في كاليفورنيا. ومنذ تلك المكالمة، زارت وزيرة الخزانة جانيت يلين الصين، وتحادث وزير الدفاع لويد أوستن هاتفياً مع نظيره الصيني دونغ جيون. كما عُقدت اجتماعات على مستويات أدنى.
ورغم تلك اللقاءات، فإن العلاقات لا تزال متوترة. وأصبحت الولايات المتحدة أخيراً أكثر صراحة في دعواتها إلى الصين من أجل وقف دعم القطاع الصناعي العسكري الروسي، والذي تقول واشنطن إنه سمح لموسكو بتعزيز إنتاج الأسلحة لدعم الحرب ضد أوكرانيا. ويقول مسؤولون أميركيون إن الصين توقفت عن إمداد روسيا بمساعدات عسكرية مباشرة، لكنها لا تزال تقدم لها إمدادات مزدوجة الاستخدام. وسينقل بلينكن رسالة مباشرة إلى بكين بعد تشجيعه الحلفاء الأوروبيين على التعبير عن مخاوفهم من الصين التي يُنظر إليها على أنها حريصة على نسج علاقات سلسة مع الغرب في ظل المصاعب الاقتصادية التي تواجهها.
وكان بلينكن قد قال، الأسبوع الماضي: «نرى أن الصين تتقاسم الأدوات الآلية وأشباه الموصلات وغيرها من العناصر ذات الاستخدام المزدوج التي ساعدت روسيا على إعادة بناء القاعدة الصناعية الدفاعية التي أدت العقوبات وضوابط التصدير إلى إضعافها». وأضاف: «الآن، إذا كانت الصين تزعم من ناحية أنها تريد علاقات جيدة مع أوروبا ودول أخرى، فلا يمكنها من ناحية أخرى تأجيج أكبر تهديد للأمن الأوروبي منذ نهاية الحرب الباردة». كما حض الصين على اتخاذ موقف أكثر نشاطاً في الضغط على إيران حتى لا تصعد التوترات في الشرق الأوسط.
حرب غزة
وتحادث بلينكن مع وانغ مرات عدة منذ أن بدأت الحرب بين إسرائيل و«حماس» قبل أكثر من 6 أشهر ليطلب مساعدة الصين في إقناع إيران بكبح جماح الجماعات الوكيلة التي تدعمها وتسلحها وتمولها في المنطقة. واكتسب هذا الموضوع أهمية جديدة منذ الهجمات المباشرة التي شنتها إيران وإسرائيل على أراضي كل منهما في الأسبوع الماضي.
كما سيكون على رأس جدول أعمال بلينكن تايوان وبحر الصين الجنوبي.
وأدانت الولايات المتحدة بشدة التدريبات العسكرية الصينية التي تهدد تايوان، التي تعدها بكين مقاطعة متمردة، وتعهدت بإعادة التوحيد مع البر الرئيسي بالقوة إذا لزم الأمر. وكثفت الإدارات الأميركية المتعاقبة بشكل مطرد الدعم العسكري والمبيعات إلى تايبيه، الأمر الذي أثار غضب المسؤولين الصينيين. وفي بحر الصين الجنوبي، أصبحت الولايات المتحدة ودول أخرى تشعر بقلق كبير إزاء التصرفات الصينية الاستفزازية في المناطق المتنازع عليها وما حولها. وعلى وجه الخصوص، أعربت الولايات المتحدة عن اعتراضاتها على ما تقول إنها محاولات صينية لإحباط النشاطات المشروعة التي يقوم بها آخرون في الممر المائي، لا سيما الفلبين وفيتنام.
وكان هذا موضوعاً رئيسياً للقلق في وقت سابق من هذا الشهر عندما عقد بايدن قمة ثلاثية مع رئيس الوزراء الياباني روميو كيشيدا والرئيس الفلبيني فيرديناند ماركوس.
موقف صيني
وفي واشنطن، حض السفير الصيني شيه فنغ على التعاون لتعزيز العلاقات بين البلدين رغم مواجهتهما «تحديات خطرة» بشأن عدد من القضايا. وقال في بيان وزعته السفارة في واشنطن العاصمة إن بكين تأمل في التعاون مع واشنطن لإحراز تقدم في العلاقات على مسار ثابت وسليم ومستدام، لكن يتعين على الجانبين أن يؤسسا ذلك على فهم صحيح. وأكد أن الصين «لا تراهن على فشل الولايات المتحدة، ولا تتدخل في شؤونها الداخلية ولا في الانتخابات الأميركية، وهي على استعداد لأن تكون شريكاً وصديقاً للولايات المتحدة».